للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عمر الذى أحيا المكارم وابتنى ... للمجد بيتا دونه الجوزاء

فبه الزمان تفاخرت أيامه ... وتعطّرت بوجوده الأحياء

ملك تفجّر من منابع مجده ... كرم وحلم واسع ووفاء

وكان لا يزال يروح ويغدو عليه بمدائحه وخاصة فى أعياده وفى الاحتفال بانتصاراته، مرددا دائما الثناء على خصاله وشجاعته وكرمه، ومن مدحة له فيه:

إذا نابنى خطب الزمان فإننى ... إلى عمر الخيرات بى ينتهى السّير

مواهبه موصولة بمواهب ... إذا ضنّت الأنواء واحتبس القطر (١)

له فى النّدا أيد تسحّ بنانها ... لجينا وإبريزا ونائله غمر (٢)

ومن مدحه الرصين فى عمر بن بدر تهنئة له بانتصاره على بعض أعدائه من رجال القبائل الثائرين عليه وعلى حكمه، وفيها يقول مهنئا:

نصر عزيز من الرحمن قارنه ... فتح وطالعه بالسّعد يبتدر

من كان معتصما بالله كان له ... عونا وسار بما يختاره القدر

لما تألّبت الأعداء واعتصموا ... بحبل غدرهم باءوا بما غدروا

فأمكن الله منهم فانثنوا هربا ... كمثل ما نفرت من قسور حمر (٣)

وكان يخلص للسلطان عمر بن بدر إخلاصا مصفى، ولذلك أكثر من مديحه، حتى إذا توفى أحس بحزن بالغ ولوعة ممضّة، مما جعله يرثيه مراثى حارة يبكى فيها خصاله الكريمة وما فقدته رعيته فيه ومحبوه من جود وعون وعفو عند المقدرة من مثل قوله:

هوى من سماء المجد كوكبها القطب ... فأظلم فى أقطارنا الشّرق والغرب

تضعضع طود المجد وانهدّ ركنه ... فيالك ركنا قد تضمّنه التّرب

ثوى عمر الخيرات أكرم من سعى ... إلى ساحه تطوى سباسبها النّجب (٤)

لقد كان للعافين ظلاّ وملجأ ... وللجاهل الإغضاء والصّفح والعتب (٥)

وله مرثية ثانية فيه تكتظ بزفراته ولوعاته. وله غزل رقيق يزخر بمشاعر فياضة، تدل على أنه كان يجد أحيانا وجدا شديدا، حتى ليقع فى شباك بعض النساء،


(١) الأنواء: الأمطار.
(٢) تسح: تهطل. اللجين: الفضة ويريد الدراهم. الإبريز: الذهب، ويريد الدنانير. والنائل: العطاء. غمر: كثير.
(٣) قسور: أسد. الحمر: حمر الوحش.
(٤) ساح: جمع ساحة. السباسب: المفاور. النجب: الإبل الكريمة.
(٥) العافون: طلاب المعروف.

<<  <  ج: ص:  >  >>