للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يصف مظلته التى كان يحتمى بها من حرارة الشمس، وكيف أن سعيدا رفع على عمودها رأسه، يقول (١):

بكرت مظلّته عليه فلم ترح ... إلا على الملك الأجلّ سعيدها

ما كان أقبح شخصه فى ظلّها ... ما كان أحسن رأسه فى عودها

وأراد ملك الأرض قاطبة فلم ... يظفر بغير الباع من ملحودها

سود الأراقم قاتلت أسد الشّرى ... يا رحمة لأسودها من سودها

وكان آل نجاح إفريقيين من الحبشة كما مر بنا، ولذلك كنى عنهم بسود الأراقم أى الأفاعى، والقصيدة مليئة بالتشفى من الصليحى وبهجاء مرير. وللشيخ محمد بن سعيد المكى فى هجاء بعض أهل عصره (٢):

اترك العجب فما أنت سوى ... رجل إما لضحك أو لغمّ

كغراب السوء يمشى مرحا ... معجبا وهو أخو الشّؤم الأذمّ

يغسل الثّوب وفى أكتافه ... وسخ العرض وآلات التّهم

ويلقانا الفخر فى كل مكان من الجزيرة على ألسنة الأمراء والشعراء، ومر بنا فخر عارم لقرواش أمير الموصل وبواديه، ولبهاء الدولة منصور بن دبيس المزيدى (٤٧٤ - ٤٧٩ هـ‍) أمير بوادى الحلّة قصيدة يفتخر فيها بمثل قوله (٣):

أولئك قومى إن أعدّ الذى لهم ... أكرّم وإن أفخر بهم لا أكذّب

هم ملجأ الجانى إذا كان خائفا ... ومأوى الضّريك والفقير المعصّب (٤)

بطاء عن الفحشاء لا يحضرونها ... سراع إلى داعى الصّباح المثوّب (٥)

مناعيش للمولى مساميح بالقرى ... مصاليت تحت العارض المتلهّب (٦)

وهو يفتخر بقومه، ويقول إنهم ملجأ الجانى يلوذ بحماهم، فلا تمتد إليه يد، ومأوى الفقراء والبؤساء، مع اجتناب للمحرمات لا يقترفونها، ومع مسارعة إلى الصلاة فى الفجر وطوال النهار، ومع إنعاش للصحاب وكرم مدرار ونفاذ فى الشدائد. ومن طريف ما للرسوليين من فخر موشح للسلطان المجاهد الرسولى يستهله بقوله (٧):


(١) الخريدة (قسم الشام) ٣/ ٢٣٣، ٣٧٧.
(٢) سلافة العصر ص ٢٢٥.
(٣) الخريدة (قسم العراق) ٤/ ١/١٥٨.
(٤) الضريك: البائس. المعصب: الذى لا يجد قوته.
(٥) داعى الصباح: المؤذن. المئوب: الداعى إلى الفرائض والنوافل.
(٦) مناعيش: يمنعون من الهلاك. القرى: الضيافة. مصاليت: نافذون فى الأمور.
(٧) الخزرجى ٢/ ١٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>