للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نلت أنا العزّ بأطراف القنا ... ليس بالعجز المعالى تجتنى

نحن بالسيف ملكنا اليمنا ... كلّ فخر تدّعى الناس لنا

أعرق العالم فى الملك أنا

وهو يفاخر بأسرته فخرا شديدا، ويمضى فيسمى آباءه متحدثا أو مفاخرا بشجاعته وجوده وبذله للمال وانتجاع العفاة السائلين له وصفحه الجميل وعفوه. والفخر كثير فى اليمن، غير أننا نتركها إلى حضرموت وشاعرها ابن عقبة المتوفى سنة ٦٩٥ وشعره يموج بالفخر من مثل قوله (١):

إنى امرؤ عفّ الإزار عن الخنا ... لم أغش منذ نشأت باب المنكر

إنى على كسب العلوم مخيّم ... وبكاى فى طلب العلا وتحسّرى

إنى من العرب الذين نجارهم ... من خالص العقيان لبّ الجوهر

وتخذت أصحابا إذا نادمتهم ... لم أخش منهم من ينمّ ويفترى

علمى وحلمى والحصان وصارمى ... وندى يمينى والعفاف ودفترى

وابن عقبة يفتخر بسجاياه الكريمة من العفة والارتفاع عن المنكر والتحلى بالعلم فهو حبّه الذى يقف نفسه عليه ويبكيه بكاء المحيين لصواحبهم، ويفاخر بأصله العربى، ويحدثنا عن صحابه وندمائه من العلم والحلم والفروسية والبأس والجود والعفاف ودفاتر الدراسة، ويطيل فى الفخر بقومه من خولان وكهلان وكندة وملوكها الأقدمين. ويكتظ ديوان ابن مقرب العيونى بالفخر بآبائه والأمراء من أسرته حكام البحرين وبيان ما لهم من أمجاد ومآثر، ويفخر كثيرا بنفسه وبشعره، وقد يخلط فخره بالشكوى من الدهر، على شاكلة قوله:

تجاهل هذا الدهر بى فتكتّبت ... علىّ بأنواع البلايا كتائبه

وإنى وإن أبدى اصعرارا بخدّه ... وأوجف بى وازورّ للبغض جانبه (٢)

لأغضى على بغضائه وازوراره ... وأعجب من حرّ كريم يعاتبه

وأستقبل الخطب الجليل بثاقب ... من العزم يعلو لاهب النار لاهبه

وكأنه يحس نفسه صخرة عاتية لا يستطيع الدهر مهما ألح عليه ببلاياه أن ينال منه شيئا، مهما أبدى من تكبر واستعلاء ومهما عدا عليه بكوارثه، ومهما انحرف عنه وأظهر من


(١) تاريخ الشعراء الحضرميين ١/ ٦٧ وتاريخ حضرموت السياسى ٢/ ١٦٩.
(٢) اصعرارا بخده: ميلا، كناية عن الكبر. أوجف بالخيل: عدا بها للقتال. ازور: مال وانحرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>