للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونشبت بينهما موقعة الحمة وهزم فيها سليمان ولم تقم له بعدها قائمة. وبذلك ضعفت دولة النبهانيين وكاد يقضى عليها قضاء نهائيا. وديوانه يفيض بثقافة لغوية وأدبية جيدة، وهى ثقافة تتضح بجلاء خلال معارضاته الكثيرة للشعراء، إذ كان يعارض أشعار الجاهليين من أمثال امرئ القيس وطرفة وعنترة وزهير وعمرو بن معد يكرب والنابغة والأعشى وأشعار الإسلاميين من أمثال جرير والفرزدق وذى الرمة وكثيّر وقطرىّ بن الفجاءة وأشعار العباسيين من أمثال أبى نواس وأبى العتاهية وأبى تمام والبحترى وابن دريد والمتنبى وأبى العلاء. وقد تتبع محقق الديوان الأستاذ عز الدين التنوخى ذكره للمواطن والأماكن التى نثرها امرؤ القيس فى أشعاره، كما تتبع أخذه من عنترة ومعارضته لطرفة فى معلقته وعمرو بن معد يكرب فى داليته وابن دريد فى مقصورته وأبى نواس فى خمرياته وما تطوى من معان وصور وأوزان وقواف، ولاحظ معارضته لأبى العلاء فى قصيدته (ألا فى سبيل المجد) وأنه استعار منه المعانى وكثيرا من الألفاظ كما استعار الوزن والقافية، على شاكلة قوله:

ألا فى سبيل المجد ما أنا صانع ... نفوع وضرّار ومعط ومانع

وإنى لذو طعمين شهد يشوبه ... رحيق وسمّ دونه السّمّ ناقع

ولكن من الحق أنه مع هذه المعارضات الكثيرة فى ديوانه وإغاراته على معانى الأسلاف وأخيلتهم وأفكارهم شاعر مجيد يحسن رصف الكلم. والموضوع الأساسى فى ديوانه هو الفخر، وهو شئ طبيعى، لأنه كان سلطانا وصاحب دولة ومن فخره الذى يصور فيه بسالته وشجاعته:

يمينا بالصّوارم والحراب ... وبالخيل المسوّمة العراب (١)

وكلّ مفاضة كالنّهى سرد ... تردّ العضب مفلول الذّباب (٢)

أنا ابن السابقين إلى المعالى ... ورغم الصّيد والشّوس الغضاب (٣)

أنا الملك الذى ساد البرايا ... مقرّ الفخر والحسب اللّباب

ولى يومان من نعمى وبؤسى ... ولى طعمان من أرى وصاب (٤)

ويتضح لنا من هذه الأبيات صوته فى الفخر، فهو يقسم بأدوات الحرب والبأس أنه


(١) المسوّمة: المعلمة. العراب: الجيدة.
(٢) المفاضة: الدرع. النهى: الغدير. والشعراء يشبهون الدروع وغضونها بمياه الآبار حين تمر بها الريح فتحدث فيها حركات وغضونا. سرد. منسوجة. الغضب: السيف. الذباب: حده.
(٣) الصيد: السادة. الشوس: جمع أشوس وهو المتعاظم الذى يتيه بنفسه زهوا.
(٤) الأرى: عسل النحل. الصاب: المر.

<<  <  ج: ص:  >  >>