سليل السابقين إلى الشرف: شرف النسب وشرف الفعال، ويتمدح بأنه كالمنذر بن ماء السماء الذى كان يتخذ له يومين كل عام يوم نعمى ويوم بؤسى وأن له طعمين حلوا ومرّا. وهو يلتقى مع نشوان بن سعيد فى الإكثار من الفخر بقحطان وملوك اليمن وأقيالها بمثل قوله:
ويكثر من تعداد أسماء هؤلاء الأقيال والملوك، ولكنه لا يبلغ من التيه بهم والزهو مبلغ نشوان، وإن كنا نحس عنده أيضا نغمة الفخر على نزار حين يردّد ما قدمه الأنصار للرسول صلى الله عليه وسلم وما أدوه من جهاد فى سبيل إعلاء الإسلام وما بذلوا من الأرواح والأموال، على نحو ما نرى فى قوله:
والكليم هو موسى عليه السلام، وما كان أغناه عن مثل هذه المبالغة. ويكثر فى ديوانه من ذكر الأطلال والغزل، وهو فيهما مقلد يحتذى على معانى الأسلاف وصورهم.
ويتعرض كثيرا لوصف الناقة، وأهم من وصفه لها وصفه للفرس لأنه يتصل بشجاعته وحروبه، غير أنه لا يأتى فى الوصفين بجديد، ويكثر من ذكر الصيد وهو طبيعى لأمير يجد فراغا كثيرا. وله قصيدة ميمية يصف فيها حمار الوحش وأتنه ومسيرته معها فى الصحراء بحثا عن ماء حتى إذا ألمّ به أرسل عليه وعلى الأتن صائد متربص وراء الأشجار سهامه، فأخطأت الصيد ومضى الحمار وأتنه عبر الصحراء. ويتلو هذا المشهد بمشهد ثان لمعركة بين ثور وكلاب صائد، ويذكر لنا لون الثور ومبيته بين أشجار تقيه صوب الغمام، حتى إذا أسفر الفجر وخرج الثور من كناسه أرسل الصائد عليه خمسة كلاب، فقتل منها اثنين، ومضى يشق طريقه فى الفلوات مثيرا للغبار من حوله. والمشهدان منقولان حرفيّا من بائية ذى الرمة المشهورة التى عرضنا لها فى كتابنا «التطور والتجديد فى الشعر الأموى» ولم يلتمس الشاعر منه المشهدين فحسب، بل التمس أيضا بعض عباراته ومعانيه، حتى وصف ذى الرمة لثوره بأنفته من الفرار من المعركة نجده عند النبهانى إذ يقول: