للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبيت المتنبى أروع إذ أين الشجا والهموم من الغلاصم التى تصل بين الرأس والعنق.

بينما موضعها القلب والفؤاد. وردّ قوله فى نفس القصيدة يصف الإبل التى ركبوها إلى الممدوح:

قصدن بنا من لو تجنّبن قصده ... سرت نحونا جدواه مسرى الغمائم

إلى قول أبى تمام:

كالغيث إن جئته وافاك ريّقه ... وإن ترحّلت عنه لجّ فى الطّلب

وأيضا بيت أبى تمام أكثر روعة. وقد ردّ العماد قديما قوله فى تصوير بأس البطل المحارب الذى يبلغ من شجاعته أن يشغف بسيفه شغف المحبين فيقبّله، ولا يزال يعانقه:

يظن هنديّه هندا فيلثمه ... فما يزال بليل معرس الضّرب (١)

إلى قول أبى العلاء فى تصويره البطولة:

يقبّل الرّمح حبّا للطعان به ... كأنما هو مجموع من اللّعس (٢)

وبيت أبى العلاء أجمل وأكثر روعة وإبداعا وهو فرق ما بين كبار الشعراء وشاعر مثل ابن القمّ: وبدون شك يشكر ابن القم لمحاولته منافسة الشعراء السالفين البارعين ونفوذه إلى صور إن لم تكن لها روعة صورهم فإنها جيدة وتدل على لون من المهارة. وله أشعار مختلفة فى الهجاء والرثاء والغزل، ونسب إليه ياقوت البيتين التاليين فى تحمل مشقات الحب والمتاع بلذاته:

تشكّى المحبون الصبابة ليتنى ... تحملت ما يلقون من بينهم وحدى

فكانت لنفسى لذة الحب كلّها ... فلم يدرها قبلى محبّ ولا بعدى

ولا يعرف تاريخ مولده ولا تاريخ وفاته، وزعم ياقوت أنه ولد سنة ٥٣٠ وتوفى سنة ٥٨١ وهو خطأ واضح، فإنه من شعراء القرن الخامس الهجرى لا القرن السادس، وقد أنشدنا له أشعارا نظمها فى سنة ٤٥٨ وفيما تبعها من السنوات حتى وفاة سبأ بن أحمد الصليحى سنة ٤٩١، وربما رجع إلى مسقط رأسه زبيد بعد وفاة سبأ، وقد حاول أن ينال شيئا من صلات جياش حاكمها كما تدل على ذلك أشعاره فى الخريدة. والجزء الأخير من حياته أو قل نهايته أو بعبارة أدق تاريخ وفاته غير واضح، وربما أدرك أوائل القرن السادس.


(١) هنديه: سيفه. الضرب: عسل النحل.
(٢) اللعس: سمرة فى الشفة.

<<  <  ج: ص:  >  >>