كريم إذا جادت فواضل كفّه ... تيقّنت أن البخل ما تفعل السّحب
وما كنت أدرى قبل قطع هباته ... إلىّ الفيافى أنّ أنعمه ركب
والصورتان طريفتان، ويروى أنه سمع بيتا لابن سنان الخفاجى معاصره ابتكر معناه كما يقول العماد-نقلا عن نجم الدين بن مصال-وقد أحسن صياغة مغزاه، وهو:
طويت إليك الباخلين كأننى ... سريت إلى شمس الضّحى فى الغياهب
وهو بيت من قصيدة له فى ناصر الدولة أبى على بن ناصر الدولة بن حمدان، فأعجب به إعجابا شديدا وقال: والله لآخذن هذا البيت منه، وما هى إلا أن مدح سبأ ابن أحمد فقال فيه:
لفظت ملوك الأرض حتى رأيته ... فكنت كمن شقّ الظلام إلى الصّبح
يقول العماد: «ولم يقصّر فى هذا المعنى لكنه لم يبلغ رتبة ابن سنان فيه». وربما لم تعجبه كلمة «لفظت» عند ابن القم وربما فضل شمس الضحى فى بيت ابن سنان على الصبح فى بيت ابن القم، ولكن هذا تشريح أكثر مما ينبغى، ومن المؤكد أن بيت ابن القم بديع. ولاحظ الدكتور شكرى فيصل فى تعليقاته على أبياته فى الخريدة أنه كان يتأثر غير شاعر، من ذلك أنه ردّ قوله فى جيّاش بن نجاح:
وما أنت إلا البدر أظلم منزلى ... وكلّ مكان نوره فيه ساطع
إلى قول البحترى فى مديح الفتح بن خاقان:
وبدر أضاء الأرض شرقا ومغربا ... وموضع رجلى منه أسود مظلم
والصلة بين البيتين واضحة، ولكن ابن القم مع ذلك حاول أن يحدث تحويرا فى الصورة بحيث تنسب إليه، ويدل هذا البيت من قصيدة فى عتاب جياش وقصائد أخرى فى عتابه على أنه حاول الاتصال-أو اتصل-به فعلا مما جعل سبأ بن أحمد يسخط عليه، وكأنما انضم ذلك إلى صنيع أبيه الذى أسلفناه مما جعله يكتب إلى سبأ بن أحمد معتذرا مستعطفا. ويرد الدكتور شكرى فيصل أيضا أبياتا مختلفة له فى مدحة ميمية إلى المتنبى، من ذلك قوله فيها:
كأن مواضيه طبعن من الشّجا ... فهنّ من الأعداء بين الغلاصم
فقد ردّه إلى قول المتنبى فى مديح على بن إبراهيم التنوخى:
وقد صغت الأسنة من هموم ... فما يخطرن إلا فى الفؤاد