وقوله: {(قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ)}. ويقول أيضا فى مديح الآمر:
يا علّة لوجود الشئ من عدم ... وكاشفا عنه بالأنوار للظّلم
وعالما بخفيّات الأمور غدا ... للناس أشهر من نار على علم
شهدت أنك فرد واحد نطقت ... بفضله سور القرآن عن أمم
وجّهت وجهى فى سرّى وفى علنى ... إليك إذ أنت معنى البيت والحرم
وهكذا يردد الخطاب ما كان يزعمه دعاة الفاطميين من أن الإمام ممثول العقل الأول الفعال وأن قدرة الله تحلّ فيه، بحيث يصبح العقل الكلى وجوهر الملكوت وعنه تصدر جميع المخلوقات، فهو العلة الأولى، علة لوجود كل ما سواه. ويزعم الخطاب أنه: {(يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى)} وأن آيات القرآن الكريم نطقت بفضله من أمم أى قريب، يشير إلى مثل قوله تعالى: {(إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)}. وكلمة «البيت والحرم» مصطلحان إسماعيليان، أما البيت فيريد به الإمام وأنه بيت معرفة الله ومستقر التوحيد وحقيقته. وأما الحرم فهو حمى الإمام وعقيدته الفاطمية. وللخطاب رثاء فى الملكة الحرة أروى حين توفيت سنة ٥٣٢ يصدر فيه عن عقيدته الفاطمية منشدا مثل قوله:
أمولاتنا يا من بباهر نورها ... تجلّين عن أبصارنا الظلمات
ويا حجّة المولى التى ببيانها ... هدى الله من حيّرنه الشبهات
أجلّك عن موت بروحك نازل ... وأنت لأرواح الأنام حياة
وهو يصفها فى البيت الثانى بأنها حجّة الإمام، والحجة فى الدعوة الفاطمية الإسماعيلية مرتبة تلى مرتبة داعى الدعاة فى المركز الأم مصر، وصاحبها يتولى الدعوة فى إقليمه والنيابة عن الإمام. وكانت الملكة الحرة حجة المستنصر والآمر فى اليمن وزعيمة الدعوة الفاطمية فيها. ويزعم الخطاب فى البيت الأخير أنها لم تمت، وكأن حياتها سرمدية كحياة الأئمة، وكل ما قدمنا غلو ومروق واضح. ووراء هذا القسم من الديوان قسم ثان يتصل بأحداث حياة الخطاب وحروبه وصلاته بأمراء الدول من حوله، وفيه كثير من المديح والهجاء والفخر، وأجود مدائحه فيه ما قدمه للملكة الحرة أروى. وجعله تعمقه فى العقيدة الفاطمية الإسماعيلية يكتب رسائل مختلفة فى بعض قضاياها وأصولها ومبادئها الكلية، وعرض إسماعيل قربان حسين لطائفة منها بالتحليل والتعريف.