للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهى تنسب إلى زيد بن على زين العابدين بن الحسين الذى ثار على الأمويين بالكوفة سنة ١٢١ وانتهت ثورته بالقضاء عليه، غير أن دعوته ظلت قائمة بعده، ومر بنا أن كل العلويين الذين ثاروا على العباسيين فى القرنين الثانى والثالث للهجرة كانوا زيديين، إذ لا تعرف نحلتهم التستر والتخفى للإمام فى الدعوة، وهى لا تشارك نحلتى الإسماعيلية والإمامية فى العلم الباطنى، ولا تتغلغل فى فكرة العقل الفعال التى مرت بنا عند الإسماعيلية والتى تعطى الإمام صفات الله وأسماءه الحسنى والتى تسند إليه تدبير الكون وأن الوجود بل كل موجود إنما هو فيض منه. وهى لا تأخذ بفكرة النص على الإمام وأن الإمامة تنتقل من الأب إلى الابن عن طريق الوراثة، بل يكفى أن يكون الإمام الكفء الداعى لنفسه من أبناء السيدة فاطمة الزهراء وأن يكون عادلا عالما بالشريعة ورعا شجاعا جوادا، وتجوّز هذه النحلة إمامة المفضول مع وجود الأفضل، وبذلك صحّحت خلافة أبى بكر وعمر مع وجود على، ولم تجوّز القدح فيهما كما تصنع الإسماعيلية والشيعة الغالية.

وارتبطت نحلة الزيدية ارتباطا وثيقا بمدرسة المعتزلة ومبادئها إذ كان إمامها زيد تلميذا لواصل بن عطاء، وقوى هذا الارتباط مع الزمن. وإذا كانت ثورات الزيديين فى الحجاز والعراق وإيران أخفقت فى القرن الثانى للهجرة فإنها نجحت فى المغرب على نحو ما هو معروف عن دولة الأدارسة التى أسسها إدريس بن عبد الله الحسنى بفاس فى عهد الرشيد، وظلت نحو مائة وأربعين عاما. ونجحت كذلك فى طبرستان فى النصف الثانى من القرن الثالث للهجرة، فقامت هناك دولة زيدية ظلت نحو سبعين عاما. واستطاعت أسرة بنى سليمان أو بنى موسى الرسيين أن يقيموا دولة لهم فى مكة منذ سنة ٣٥٦ على نحو ما مر بنا فى غير هذا الموضع، وظلت فيهم حتى اضطرهم الهواشم من أسرتهم أن يغادروا مكة إلى المخلاف السليمانى، وهناك ظل هذا الفرع يدعو للنحلة الزيدية حتى ذاب فى دولة الرسوليين، وقد أسلفنا أن محمد بن جعفر الحسنى عاد إلى مكة وأعاد الإمارة إلى أسرته الحسنية.

وقامت فى صعدة باليمن دولة زيدية أقدم من الدولتين السالفتين، إذ أسسها هناك الإمام الهادى إلى الحق يحيى بن الحسين بن القاسم فى سنة ٢٨٤ واستطاعت هذه الدولة أن تستولى على صنعاء فى حقب كثيرة، حتى إذا كان القرن العاشر الهجرى انضوى اليمن جميعه تحت لوائها، وإذن كانت للزيدية فى الجزيرة العربية لهذا العصر ثلاثة مراكز، هى مكة والمخلاف السليمانى وصعدة وكان المركز الأخير كثيرا ما يتسع، وشمل بأخرة ديار اليمن جميعها. وعنى الأمراء والأئمة فى كل مركز من هذه المراكز بالشعر وأصحابه، لأنهم أقلام

<<  <  ج: ص:  >  >>