العون والمؤن، وشكا من السلطان عامر، فتعاون قائدها معه على حربه، وقضيا عليه وعلى حكم أسرته سنة ٩٢٢. ودخل شرف الدين صنعاء، ودخلت البلاد جميعها فى طاعته وأكثرت الشعراء من تهنئته بهذا النصر المبين، وفى مقدمتهم موسى بن يحيى بهران إذ هنأه بقصيدة رائعة، فيها بقول:
خليفة الرحمن فى أرضه ... مبارك الوجه كريم الجدود
برّ كريم من بنى المصطفى ... إمام حقّ ساعدته الجدود
قالت له الأيام إذ أقبلت ... ما أحسن الوصل عقيب الصّدود
وأهلك الباغين حتى ثووا ... واستبدلوا بعد القصور اللّحود
واستبشر العدل بأيامه ... فامتلأ الغور به والنّجود
وأصبحت صنعاء من عجبها ... ترفل فى مستحسنات البرود
وقد ورّى الشاعر فى البيت الثانى بكلمة الجدود وهو لا يريد بها الآباء كما فى البيت الأول-وكما قد يتبادر-وإنما يريد بها الحظوظ. وهو يذكر نسب شرف الدين من الرسول صلى الله عليه وسلم، إذ هو من سلالة الحسن بن السيدة فاطمة الزهراء. ولا يلبث أن يمدحه برفع أعباء الظلم عن كواهل الشعب وإحلاله فى كل مكان للعدل الذى لا تصلح حياة الأمم بدونه، ويشير فى البيت الأخير إلى فتح شرف الدين لصنعاء وكيف اتخذت زينتها ابتهاجا به وفرحا. ويسترسل فى القصيدة منشدا:
يا شرف الدين وقيت الرّدى ... ودمت تحمى بالحداد الحدود
لا غرو أن سدت جميع الورى ... مثلك يا بحر النّدى من يسود
علمك بحر ماله ساحل ... زندك أورى من جميع الزنود (١)
وجود كفّيك إذا ما همى ... غيث مغيث ما له من رعود
وفى البيت الأول جناس واضح بين الحداد أى السيوف والحدود. ومنذ هذا التاريخ بل ربما قبله بحقب يكثر الجناس فى شعر اليمنيين، وقد مضوا أيضا يكثرون من التورية محاكاة للمصريين. والشاعر يمدح شرف الدين بالكرم والشجاعة والعلم بالشريعة. وفى الأبيات السالفة مدحه بالعدل. وكل هذه مبادئ أساسية فى الإمامة الزيدية كما مر بنا فى صدر هذا الكلام. ومضى فى القصيدة مبالغا فى مديحه خاتما لها بالدعاء له. ولموسى قصيدة بائية بديعة يهنئ فيها شرف الدين بأحد أعياد الفطر، وفيها يقول:
حوى شرف الهدى والدين مجدا ... رفيعا وابتنى شرفا عليّا
(١) أورى: من ورى الزند إذا خرجت ناره.