للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابنه الحارث، وهو أهم أمراء هذه الأسرة، والمظنون أنه بدأ حكمه حوالى سنة ٤٩٠ للميلاد. ويذكر المؤرخون البيزنطيون أنه كان كثير الإغارة على الحدود الرومانية وكان يقود غاراته ابناه حجر ومعد يكرب، وقد أغار على فلسطين الرومانية فى عامى ٤٩٧ و ٥٠١ للميلاد (١).

ولا نتقدم فى القرن السادس حتى يعظم سلطان الحارث فى نجد. وحدث أن غضب قباذ ملك الفرس على المنذر بن ماء السماء أمير الحيرة بسبب رفضه لمذهب المزدكية، كما مر بنا فى غير هذا الموضع، فعزله وولى على الحيرة مكانه الحارث ختنه (٢)، فتحقق له حلم آبائه بتقويض الإمارة اللخمية، وولّى أبناءه على القبائل، فجعل-كما تقول بعض الروايات-حجرا على أسد وغطفان، وشرحبيل على بكر ومعد يكرب على تغلب وسلمة على قيس (٣)

وسرعان ما تطورت الأحداث، فإن الأحباش استولوا على اليمن وتوفى قباذ وخلفه كسرى أنوشروان سنة ٥٢٨ وكان يكره مزدك والمزدكية، فاضطهد أنصارها فى بلاده، وأعاد المنذر بن ماء السماء إلى الحيرة عاصمته، وقد أدار مع الحارث معارك طاحنة، انتهت بقتل الحارث. وتبع المنذر أبناءه يوقع بهم ويؤلب القبائل عليهم، وسرعان ما سقط معديكرب وسلمة فى معركة تعرف بيوم أوارة الأول (٤) ويقال إن معد يكرب أصابه الجنون، وكان شرحبيل قد سقط قبل ذلك فى معركة بينه وبين أخيه سلمة تعرف بيوم الكلاب الأول (٥).

أما حجر وهو أبو امرئ القيس فقتلته قبيلة بنى أسد، ويروى صاحب الأغانى أربع روايات مختلفة فى قتله (٦)، أما الأولى فقد رواها عن هشام بن الكلبى (المتوفى سنة ٢٠٤ هـ‍) وهى تزعم أن حجرا كان له على بنى أسد إتاوة يؤدونها كل عام، فلما قتل أبوه أرسل إليهم جباته فمنعوهم وضربوهم ضربا مبرحا، فسار إليهم حجر بجند من ربيعة وقيس وكنانة، فاستسلموا له، فأخذ سادتهم، وجعل يقتلهم بالعصا


(١) انظر فى ذلك تاريخ العرب قبل الإسلام لجواد على ٣/ ٢٤٥.
(٢) نفس المصدر ص ٢٣٨ وما بعدها.
(٣) نفس المصدر ص ٢٤٣ وما بعدها.
(٤) نقائض جرير والفرزدق (طبعة بيفان) ص ٨٨٧ وتاريخ ابن الأثير ١/ ٢٢٨.
(٥) الأغانى (طبعة دار الكتب) ١٢/ ٢٠٨ وما بعدها والمفضليات (طبعة لايل) ١/ ٤٢٨ وابن الأثير ١/ ٢٢٧ ومعجم البلدان لياقوت ٧/ ٢٦٩.
(٦) أغانى (طبعة دار الكتب) ٩/ ٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>