للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فحسب، بل فى كل الأغراض الشعرية. ونرى العنسى يقول فى افتتاح قصيدة روضية:

يا سميرى وللفتوة قوم ... خلقوا من سلالة الإنسجام

بطراز الرفّا بتشبيب مهيا ... ر بلطف البها بطبع السّلامى

وهو يصرح فى البيتين بأنه من قوم يعنون فى شعرهم بالانسجام الموسيقى على شاكلة السّرىّ الرّفاء المشهور بعذوبة ألفاظه ومهيار الذى يمتاز بالسلاسة والبهاء زهير المشهور بالرقة والسلامى المعروف بجمال نغمه. وطبعا هؤلاء إنما هم بعض من قرأ لهم العنسى وحاكاهم وعارضهم فى شعره. وله قصيدة تاريخية شيعية فى نحو سبعين بيتا استعرض فيها نحو أربعين إماما بادئا بعلى بن أبى طالب الذى اقتلع باب الحصن فى خيبر، فاستؤصلت شأفة الكفر، ويذكر قتله لعمرو بن ودّ فارس قريش يوم الخندق ويشيد بفاطمة الزهراء وبابنيها الحسن والحسين ريحانتى أهل الجنة وبعلى زين العابدين، ثم بإمامهم زيد منشدا:

ويا خير من سلّ الحسام وقد طغى ... لئيم بنى مروان أشقى بنى الدّهر

فأصبح منه الجذع قد عانق العلا ... ولكنها فى الدين قاصمة الظّهر

وهو يشير إلى ثورة زيد بن على زين العابدين على هشام بن عبد الملك فى الكوفة ومقتله هناك وصلبه، ويذكر أخاه محمدا الباقر وابنه جعفرا الصادق. ويذكر ثورات الحسنيين مبتدئا بثورة النفس الزكية على المنصور وسفك دمه، ويذكر ثورة الحسين بن على الحسنى على الخليفة العباسى الهادى فى الحجاز ومقتله بفخّ بالقرب من مكة، كما يذكر وقوع يحيى أخى النفس الزكية فى يد الرشيد وإلقائه به فى غياهب السجون حتى مات. ويذكر الزيدية فى طبرستان وآمل. ثم يتحدث عن الهادى إلى الحق يحيى بن الحسين بن القاسم الحسنى مؤسس مذهب الزيدية فى اليمن، ويستعرض الأئمة التالين له منوها بهم ومشيدا بأمجادهم، حتى يصل إلى المؤيد بالله محمد بن القاسم الذى تغلب على العثمانيين وردّهم عن البلاد سنة ١٠٤٥ وفيه يقول:

ويا حجّة الله الذى قام داعيا ... إلى الله فردا لا بزيد ولا عمرو

وبشّرت الناس الهواتف باسمه ... كما بشّرت بالمصطفى مبدأ الأمر

فأخلا علوج الترك عن يمن الهدى ... بضرب كما هاج الوهيج من الجمر

ويلاحظ أن العنسى لا يقف عند مبادئ الزيدية فى مديحه، إذ يضيف إليها بعض اعتقادات الشيعة الغالية فى أئمتهم. وقد ساق فى أوائل القصيدة وصفا لجعفر الصادق بأنه يكشف أسرار الخفىّ من علم الجفر، وهو كتابات تكشف طلاسمها عن أنباء المستقبل وأحداثه، ويقولون إن الرسول أودعها عليا وتناقلها الأئمة بعده من جيل إلى جيل،

<<  <  ج: ص:  >  >>