إذا ما عمانىّ ألمّ بأرضنا ... أحطنا به نسأله عنكم تزاحما
وله فيه قصيدة دالية يشيد فيها بالإباضية، وأخلاقهم الفاضلة، ومناقبهم الكريمة، وكيف أنه أصبح إماما لهم وقيّما عليهم، يصلح أمرهم، ويدفع عنهم الخطوب، يقول:
إباضيّة زهر كرام أفاضل ... مناقبهم فى كل سامى علا تبدو
وأنت لنا من بعدهم صرت قيّما ... حمولا لثقل الخطب يورى بك الزّند (١)
ونراه فى نفس القصيدة يطلب إلى إمامه راشد أن يبعث إليه بنجدة تعينه فى حربه مع قبيلتى نهد وعقيل إن هما لم تستكينا نهائيا، ولم تلقيا السلاح وهما صاغرتان، يقول:
وإن عدلوا عن بغيهم وتراجعوا ... إلى عسكر الإسلام والحقّ وارتدّوا
فأهلا وسهلا بالعشيرة إنهم ... إليكم بإخلاص لربّ السّما أدّوا
وإن هم أبوا فاستصرخونا فإننا ... قريب وما للقوم من صحبهم بدّ
وما بين وادى حضرموت وبينكم ... إذا سرّكم إتياننا نحوكم بعد
وهو يسمى عسكر الخوارج عسكر الإسلام والحق، ومن قديم كانوا يقولون إن معسكرهم هو معسكر الإسلام وحده، ويصفون خصومهم بالبغى والجور وأنهم خرجوا على حدود الدين. ومن الحق أن الإباضية معتدلون ويؤمنون بأن غيرهم من المسلمين أهل توحيد، على نحو ما صورنا ذلك فى غير هذا الموضع. وليس فى الديوان ما يدل على أنه ظل عاملا لأئمة نزوى بعد راشد، وظن بعض من عرضوا له أنه ربما استقل ودعا لنفسه بالإمامة ونستبعد ذلك، ونظن أنه ظل على ولائه لأئمة الإباضية فى نزوى، وحقا نراه فى بعض شعره يصرّح بأنه وهب نفسه لنشر الهدى وإحيائه فى كل مكان، على شاكلة قوله:
علق الفؤاد بأن أكون أنا الذى ... يحيى الهدى بقواضب ورماح
وعلى السيوف يموت كلّ مكرّم ... وعلى السيوف قياد كلّ فلاح
وعلى السيوف ينال من طلب العلا ... غرف الجنان وقصدهنّ كفاحى
وهو يقصد بالهدى نحلته الإباضية، ويقول إنه يشعر فى أعماقه أن عليه نشر دعوتها وإشاعتها فى كل بقعة، ويردد ما يذكره شعراء الخوارج قديما من محبتهم للاستشهاد فى سبيل الله، وكأنه أصبح شعارا لهم، حتى يلحقوا بمن سبقوهم من رفاقهم إلى جنات ربهم ونعيمه. ولسنا نعرف سنة وفاته وأكبر الظن أنه توفى حوالى منتصف القرن الخامس الهجرى.
(١) يورى هنا: يتقد.