للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والرواية الأولى رواية هشام الكلبى. وهو متهم فيما يرويه. فهى رواية ضعيفة.

ومما يدل على فسادها قصيدة عبيد التى ذكر فى تضاعيفها يوم القيامة: ومن أين له بمعرفة هذا اليوم الذى جاء فى القرآن الكريم وهو جاهلى وثنى؟ . ومثلها الروايتان الثانية والرابعة، فأثر الافتعال فيهما واضح، لسبب بسيط. وهو أن حجرا يموت غيلة. ولا نرى عشيرته كندة تثأر له أو تشتبك من أجله فى حرب مع بنى أسد.

لذلك نرجح الرواية الثالثة رواية الهيثم بن عدى، وهى تتفق مع ما ردده عبيد بن الأبرص فى شعره مرارا من أن قبيلته نكّلت بكندة وصاحبها حجر. وكان عبيد معاصرا للحوادث وشاهد عيان لها، ومن قوله فى ذلك يخاطب امرأ القيس (١):

وركضك لولاه لقيت الذى لقوا ... فذاك الذى أنجاك مما هنالكا

وهو يشير بذلك فى وضوح إلى فرار امرئ القيس من المعركة التى قتل فيها أبوه، ونراه يصف هذه المعركة، ويصرح بهزيمة كندة فيها وقتل حجر إذ يقول معرّضا بامرئ القيس وساخرا من وعيده وتهديده لقومه (٢):

ياذا المخوّفنا بقت‍ ... ل أبيه إذلالا وحينا (٣)

أزعمت أنك قد قتل‍ ... ت سرابنا كذبا ومينا (٤)

هلاّ على حجر ابن ... أمّ قطام تبكى لا علينا

هلا سألت جموع كن‍ ... دة يوم ولّوا أين أينا

أيام نضرب هامهم ... ببواتر حتى انحنينا (٥)

ويتكرر فى ديوان عبيد وصف نهاية حجر وملك كندة على أسد بهذه الصورة مرارا (٦) مما يدل على أن رواية الهيثم بن عدى أكثر قربا إلى الصحة والصدق وأن الروايات الأخرى دخلها الفساد والانتحال.


(١) ديوان عبيد بن الأبرص (طبعة لايل) ص ٥٣.
(٢) الديوان ص ٢٧.
(٣) الحين: الموت.
(٤) السراة: السادة، المين: الكذب.
(٥) السيوف البواتر: القاطعة.
(٦) انظر ديوان عبيد القصائد رقم ٤، ١٧، ٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>