للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بارعا، ومرّ بنا بعض شعره. ولما فتح توران شاه اليمن حاول أن يتخذه كاتبا له، فامتنع.

وليس بين أيدينا شئ من رسائله لا هو ولا ابن أبى عقامة ولا جياش، ولكن على كل حال فيما قدمنا ما يدل على ازدهار الكتابة باليمن. وندخل فى عهد جديد هو عهد الأيوبيين، وسرعان ما تقوم بها الدولة الرسولية (٦٢٦ - ٨٥٨ هـ‍) وتعنى بالكتابة الديوانية، ويحتفظ كتاب العقود اللؤلؤية للخزرجى ببعض عهود من الأمراء إلى أولياء عهودهم وببعض رسائل سياسية، ويتبادل الرسوليون الكتب والرسائل بينهم وبين سلاطين المماليك، وفى صبح الأعشى رسائل كثيرة موجهة من هؤلاء السلاطين إلى الرسوليين (١).

ويبدو أن الكتابة كانت نشطة فى بيئة الأئمة الزيدية، وفى صبح الأعشى ما يدل على كثرة المكاتبة بينهم وبين سلاطين المماليك، إذ ينص على رسم المكاتبة إليهم وأنها كانت، «أدام الله تعالى-أو ضاعف الله تعالى-نعمة-أو جلال-الجانب الكريم العالى السيدىّ الإمامى الشريفى النسيبى الحسنىّ العلامىّ سليل الأطهار، جلال الإسلام، شرف الأنام، بقية البيت النبوىّ، فخر النسب العلوىّ، مؤيّد أمور الدين، خليفة الأئمة، رأس العلياء، صالح الأولياء، علم الهداة، زعيم المؤمنين، ذخر المسلمين، منجد الملوك والسلاطين، ولا زال زمانه مربّعا، وغيله مسبعا، وقراه مشبعا، وكرمه لفيض نداه منبعا، وهداه حيث أمّ بالصفوف متّبعا (٢). .» وفى ذلك ما يدل على أن المراسلة بين هؤلاء الأئمة الزيديين وسلاطين مصر كانت لا تنقطع.

وطبيعى أن تكثر الإجازات فى اليمن كما كثرت فى المدينتين المقدستين بالحجاز. وتكثر تقاريظ الكتب، من مثل تقريظ القاضى شرف الدين إسماعيل بن أبى بكر المعروف بالمقرئ اليمنى لأحد مصنفات صاحب العقد الثمين إذ يقول: «وقفت على هذا التأليف التالى فوائد العبر، والآتى بأحاديث المواعظ الحسان بأصح خبر، فلله در مصنفه من إمام حافظ، وبحر بجواهر العلوم لافظ، ولاحق، برّز على السابق، وبذل فى علو مرتبة الأعلام الحفاظ موافق، بلّغه الله غاية الأمنية، وأجزل ثوابه على هذا المقرون بحسن النية».

وطبيعى أن تكثر المواعظ باليمن، واشتهر فيها وعاظ كثيرون من أهمهم الشيخ الصالح أحمد بن علوان المتوفى سنة ٦٦٥ وله فى الوعظ كتاب نحى فيه نحو ابن الجوزى، وله فى التصوف فصول كثيرة وكلمات مأثورة بديعة (٣). وامتازت اليمن بأخرة من هذا العصر


(١) انظر صبح الأعشى ٧/ ٣٤٤، ٣٥٣، ٣٥٧، ٣٦٠، ٣٦٣، ٣٦٦.
(٢) صبح الأعشى ٧/ ٣٣٤.
(٣) العقود اللؤلؤية ١/ ١٦٠ - ١٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>