تعرّضا منا لرضا رب العالمين، وإحياء لسنة نبيه الأمين، ورغبة فى إدراك أجر الصابرين المجاهدين. وحاشا لمثلك أن يغضب لقتال عبدة الأصنام، وأعداء الله والإسلام، ألست من سلالة على بن أبى طالب، الساقى المشركين وبئ المشارب، وأنت تدرى ما جرى بيينا وإياهم من قبل فى سواحل عمان، وفى سائر الأماكن والبلدان من سفك الدماء وكثرة الصّيال، وتناهب الأملاك والأموال، وإنا لنأخذهم فى كل موضع تحلّ به مراكبهم وتغشاه، حتى من كنج وجيرون بندرى الشاه (ملك فارس) ولم يظهر لنا من أجل ذلك عتابا ولا نكيرا، وإن كنت فى شك من ذلك فاسئل به خبيرا»
ويذكر سيف بن سلطان لإسماعيل بن القاسم أنه ترك فى تعقب البرتغاليين مدافع فى ظفار التابعة له وأنه حرىّ أن يردها عليه. وتمتلئ قلوبنا أسى حين نقرأ رسالة إسماعيل بن القاسم التى ردّ بها على سيف بن سلطان إذ بدلا من أن يطلب منه الصفح عن كبوته وعثرته المردية، ويرجع إليه مدافعه وأسلحته، يبرق له ويرعد، ويتهدد ويتوعد، إذ تمضى رسالته على هذه الشاكلة (١).
«وصل كتابك الذى شحنته بالإبراق والإرعاد وعدلت به من تحسين العتاب، إلى تخشين الخطاب، ظنا منك أن هذيان وعيدك، وطنين ذباب تهديدك، يزعزع من بأسنا صخرة صمّاء، أو يحرّك من وقارنا جبالا شمّاء، وكيف يكون ذلك:
وأسيافنا فى كل شرق ومغرب ... بها من قراع الدارعين فلول
أين ذهب حجاك حتى طلبت منا المدافع، بهذه الأراجيف والفقاقع، وإنما تقطع أعناق الرجال المطامع. أما علمت أن الليث إذا هيج على فريسة كان أشد إقداما، وأعظم جرأة واعتزاما، لا جرم أنها لما نأت بنا وبك الديار، وحالت دوننا ودونك الأمصار، استرسلت فى لفظك، وجاوزت فى سوء المقدار حدّك، وانفردت بأرضك، فطلبت الطعن والنزال وحدك:
يا سالكا بين الصوارم والقنا ... إنى أشمّ عليك رائحة الدّم
فاقطع عرى آمالك عن هذه المدافع، فهى أول غنيمة-إن شاء الله-من قطرك الشاسع»
والكتاب حقا محزن، إذ كان المنتظر أن يضع إسماعيل بن القاسم يده فى يد سلطان بن سيف حين جاءه كتابه، ويعود إليه صوابه، ويعلن نصرته له ضد البرتغاليين الآثمين.
وعلى العكس من ذلك مضى فى غيّه يتوعد سلطان بن سيف بمعركة كمعركة النهروان التى