للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نحن إذن بإزاء شاعر زيّفت أخباره وزيف عليه كثير من أشعاره، ولذلك ينبغى أن نتلقى رواية الأصمعى بغير قليل من الحذر والاحتراس، وأول ما يلقانا فيها معلقته، وهى بين المعلقات التى يقال إن حمادا أول من رواها، غير أن روايته لها شفعت بروايات أخرى لرواة موثقين فقد رواها المفضل الضبى ورواها الأصمعى إلا أنه أنكر منها أربعة أبيات، وهى التى تبتدئ بقوله:

وقربة أقوام جعلت عصامها ... على كاهل منى ذلول مرحّل (١)

لأنها لا تشاكل شعره، إنما تشاكل شعر الصعاليك، ومن ثمّ نسبها بعض الرواة إلى تأبط شرّا (٢). وتليها قصيدته (ألا عم صباحا أيها الطلل البالى) وهى من روح القصيدة السابقة، ولم يشك فيها الرواة، فهى وثيقة عند المفضل الضبى والأصمعى وأبى عبيدة، ولذلك كنا نثبتها له. أما القصيدة الثالثة (خلبلىّ مرّابى على أم جندب) التى يقال إنه نظمها استجابة لزوجته أم جندب حتى تحكم بينه وبين علقمة الفحل أيهما أشعر فإن القدماء شكوا فيها واتهموها هى وما يطوى فيها من قصة أم جندب (٣) على أن من الرواة من لاحظ أنها اختلطت بقصيدة على وزنها ورويها لعلقمة بن عبدة (٤)، ولعل هذا هو الذى جعل بعض الرواة يصنع قصة المعارضة وأن أم جندب حكمت بين الشاعرين، غير ملاحظين أن علقمة كان يعيش فى أوائل القرن السابع، فهو ليس من معاصرى امرئ القيس.

والقصيدة الرابعة (سمالك شوق بعد ما كان أقصرا) تصف رحلته إلى قيصر وصفا مسهبا، ويكفى ذلك لردها لأن كل ما يتصل بهذه الرحلة مما وضعه ابن الكلبى وأضرابه. وشك الأصمعى نفسه فى القصيدة الخامسة (أعنّى على برق أراه وميض) وقال إنها تنسب فى بعض الروايات لأبى دؤاد الايادى (٥). ويمكن أن نقبل القصيدة السادسة (غشيت ديار الحىّ بالبكرات) وربما كانت مما قاله بعد مقتل أبيه.

أما القصيدة السابعة (ألا إن قوما كنتم أمس دونهم) وهى فى مديح عوير بن


(١) عصام القربة: الحبل الذى تحمل به، مرحل: تعود الرحلة.
(٢) انظر ديوان امرئ القيس (طبع دار المعارف) ص ٣٧٢.
(٣) الموشح ص ٣٠.
(٤) ديوان امرئ القيس ص ٣٨١ وانظر كتاب الخيل لأبى عبيدة ص ١٣٦.
(٥) الديوان ص ٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>