للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بلندن، وهو فى التشبيهات عامة من الشعر القديم والحديث ومن الذكر الحكيم. وأهم منه كتاب «الجمان فى تشبيهات القرآن» لابن ناقيا (١) البغدادى المتوفى سنة ٤٨٥ والعناية بالتشبيه قديمة نجدها فى كتابات الجاحظ وابن المعتز (٢). وقد نشر كتاب الجمان فى دمشق تحقيق عدنان زرزور ومحمد رضوان الداية، والكتاب مرتب حسب السور القرآنية والآيات الواردة فى تضاعيفها وعادة يفسر الآية الكريمة بإيجاز، ثم يذكر ما فيها من تشبيه، وإذا كان له نظير فى القرآن ذكره، ودائما يذكر الأشعار التى اقتبسته، وكثيرا ما يعرض المحسنين لهذا الاقتباس والمقصرين، موضحا بلاغة القرآن المعجز وأنه لا يبلغ مبلغه شاعر. يقول:

«وكذلك كل ما ينقله الشعراء وغيرهم من أرباب البلاغة إلى كلامهم من معانى القرآن، لايبلغون شأوه ولا يدركون مناله إعجازا وإبداعا وإباء وامتناعا».

ويعنى بعض البلاغيين بوضع كتب مستقلة فى الجناس، مثل شميم (٣) الحلّىّ المتوفى سنة ٦٠١ فله فيه كتاب باسم الأنيس الجليس فى التجنيس كما جاء فى معجم الأدباء، وفى دار الكتب المصرية مخطوطة منه باسم الأنيس فى غرر التجنيس.

ولا نلبث أن نستقبل كتاب المثل السائر لضياء الدين نصر الله بن محمد الشيبانى المعروف بابن الأثير الجزرى المتوفى ببغداد سنة ٦٣٧ وكان قد توجه إليها رسولا من لدن صاحب الموصل، وكان كاتب إنشائه. وقد بنى كتابه على مقدمة (٤) ومقالتين، أما المقدمة فجعلها لعلم البيان ومباحثه المتصلة بالمعانى والبديع، ويقول إن موضوع هذا العلم البلاغة والفصاحة، ويعرض لأدواته التى لابد من إتقانها لمن يتصدى للكتابة والشعر ويعقد فصلين للمعانى يتحدث فى أولهما عن حمل الكلام على ظاهره والتأويل فيه بحيث يمكن أن يفهم البيت أفهاما كثيرة. وفى الفصل الثانى يتحدث عن احتمالات النصوص والترجيح بين المعنيين المتقابلين. وتحسّ صلته فى هذين الفصلين بعلماء الأصول وكلامهم عن دلالات العبارات وما يداخلها من الاحتمالات. ويتحدث بعد ذلك عن الفصاحة والبلاغة


(١) راجع فى عبد الله بن محمد بن ناقيا إنباه الرواة ٢/ ١٣٣ وابن خلكان ٣/ ٩٨ والجواهر المضية ١/ ٢٨٣ وميزان الاعتدال ٢/ ٥٣٣ ولسان الميزان ٣/ ٣٨٤ والخريدة (قسم العراق) ١/ ١٤٢ ومقدمة المحققين لكتابه.
(٢) البلاغة تطور وتاريخ ص ٥٥، ٧٣.
(٣) انظر فى على بن الحسن بن عنتر الملقب بشميم الحلى معجم الأدباء ١٣/ ٥٠ وإنباه الرواة ٢/ ٢٤٣ وبغية الوعاة والشذرات ٥/ ٤ وميزان الاعتدال ٢/ ٨٢ والجواهر المضية فى طبقات الحنفية ١/ ٢٨٣ وابن خلكان ٣/ ٣٣٩.
(٤) راجع فى تحليل كتاب المثل السائر كتابنا البلاغة تطور وتاريخ ص ٣٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>