للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو يفتتحها بالوقوف على أطلال سلمى، ثم يفيض فى وصف مغامراته ولهوه مع بعض النساء بالضبط على نحو ما رأينا فى المعلقة يقول:

سموت إليها بعد ما نام أهلها ... سموّ حباب الماء حالا على حال (١)

فقالت: سباك الله إنك فاضحى ... ألست ترى السّمّار والناس أحوالى (٢)

فقلت: يمين الله أبرح قاعدا ... ولو قطّعوا رأسى لديك وأوصالى

فلما تنازعنا الحديث وأسمحت ... هصرت بغصن ذى شماريخ ميّال (٣)

وصرنا إلى الحسنى ورقّ كلامنا ... ورضت فذلّت صعبة أىّ إذلال (٤)

فأصبحت معشوقا وأصبح بعلها ... عليه القتام سيّئ الظنّ والبال (٥)

يغطّ غطيط البكر شدّ خناقه ... ليقتلنى والمرء ليس بقتّال (٦)

أيقتلنى والمشرفىّ مضاجعى ... ومسنونة زرق كأنياب أغوال (٧)

وكأن امرأ القيس هو الذى سبق إلى هذا الغزل الفاحش الصريح، وتبعه الشعراء من بعده وإن لم يبلغوا مبلغه من الفحش والصراحة وقد تبعوه فى تشبيبه الذى يودعه مقدمات قصائده وما يطوى فيه من بكاء ولوعة.

ورجع فى معلقته بعد حديثه عن بيضة الخدر يصف لصاحبته شقاءه بحبها وأنه لا يستمع فيه إلى نصيحة ناصح، ولا إلى عذل عاذل، ويصور كيف يقتحم إليها الليل المخوف، ويسترسل فى وصفه فيقول:

وليل كموج البحر أرخى سدوله ... علىّ بأنواع الهموم ليبتلى (٨)


(١) سموت إليها: يريد نهضت إليها شيئا فشيئا لئلا يشعر أحد بمكانى فكنت مثل حباب الماء يعلو بعضه بعضا فى رفق ومهل.
(٢) سباك: باعدك وأذهب عقلك.
(٣) تنازعنا: تبادلنا، وأسمعت: انقادت وسهلت. وهصرت. جذبت: وأراد بالغصن تمامتها وبالشماريخ ثمرها شبهه بشماريخ النخل لكثرته وغزارته.
(٤) رضت: أذللت، وذلت: لانت.
(٥) القتام: الغبار يريد أن بعلها ساءه ما رآه من ميلها إليه فأصبح كأنه مغبر كاسف الحال.
(٦) يغط: يردد صوتا كصوت البكر وهو الشاب من الإبل يشد حبل فى خناقه، فيسمع له غطيط، كأنه يريد أن يقول إنه يردد صوتا كصوت البعير المختنق.
(٧) المشرفى: السيف، والمسنونة الزرق: السهام.
(٨) السدول: الستور.

<<  <  ج: ص:  >  >>