للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تاركا وراءه ما تخلف منه. فصادوا ما ابتغوا، وأخذ الطهاة يعدون لهم طعامهم بين مشوى ومطبوخ. وانتقل من ذلك إلى وصف الأمطار والسيول التى ألمت بمنازل قومه بنى أسد بالقرب من تيماء فى شمالى الحجاز، يقول:

أحار ترى برقا كأنّ وميضه ... كلمع اليدين فى حبىّ مكلّل (١)

يضئ سناه أو مصابيح راهب ... أهان السّليط فى الذّبال المفتّل (٢)

قعدت له وصحبتى بين حامر ... وبين إكام بعد ما متأمّل (٣)

وأضحى يسحّ الماء عن كل فيقة ... يكبّ على الأذقان دوح الكنهبل (٤)

وتيماء لم يترك بها جذع نخلة ... ولا أطما إلا مشيدا بجندل (٥)

كأن طميّة المجيمر غدوة ... من السّيل والغثّاء فلكة مغزل (٦)

كأن أبانا فى أفانين ودقه ... كبير أناس فى بجاد مزمّل (٧)

وألقى بصحراء الغبيط بعاعه ... نزول اليمانى ذى العياب المخوّل (٨)

كأن سباعا فيه غرقى غديّة ... بأرجائه القصوى أنابيش عنصل (٩)


(١) حار: ترخيم حارث يعنى يا حارث، وميض البرق: لمعانه. الحبى من السحاب: المتراكم، وكذلك المكلل، وقيل الحبى: الدانى من الأرض.
(٢) السنا: الضوء، السليط: الزيت، الذبال: الفتائل، وأهانه هنا: أكثر منه، ويروى أمال بمعنى رعى، وهى أجود.
(٣) حامر وإكام: موضعان، بعد ما متأمل: تأملته من مكان بعيد.
(٤) الفيقة: ما بين الحلبتين: يريد أنه يسح ثم يسكن ثم يسح. وعن: معناها هنا يكب على: يسقط ويلقى على الوجه، الكنهبل: ما عظم من شجر العضاه، والدوح: جمع دوحة وهى الشجرة كثيرة الورق والأغصان.
(٥) الأطم: البيت.
(٦) طمية: جبل، المجيمر: أرض لبنى فزارة، الغثاء: ما يحمله السيل من فتات الأشجار. وفلكة المغزل: ما استدار فوق رأسه.
(٧) أبان: جبل، أفانين: ضروب. الودق: المطر، البجاد: كساء مخطط، ومزمل: صفة لكبير أناس أى أنه متدثر بثيابه ملتف بها.
(٨) الغبيط: موضع، البعاع: الثقل، العياب: الحقائب، المخول: كثير المتاع والغلمان الذين يصحبونه.
(٩) غدية: حين يصبح الناس، وأنابيش العنصل: جذور البصل البرى.

<<  <  ج: ص:  >  >>