للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيه يقول الثعالبى: «كان أحد المقدمين فى الآداب والكتابة والبراعة، والكفاية وجميع أدوات الرياسة، وكان مع تقلده ديوان الرسائل لعضد الدولة طول أيامه معدودا فى وزرائه، وتقلد الوزارة بعده دفعات لأولاده». ويورد الثعالبى مقاطع من رسائله السلطانية يشيع فيها السجع على عادة كتاب الدواوين فى عصره. وبدون ريب أكبر كاتب للرسائل الديوانية زمن البويهيين أبو إسحاق الصابئ وسنخصه بكلمة عما قليل. وعنى السلجوقيون مثل البويهيين بديوان الإنشاء وحين دخلوا بغداد وجدوا عليه العلاء ابن الموصلا يا فقد كان كاتب الديوان العزيز أو ديوان الخلافة منذ سنة ٤٣٢ ورأوا أن يظل عليه، ومضت عشرات من السنين وهو على ديوان الإنشاء حتى قضى نحبه، وسنخصه هو الآخر بكلمة مفردة. وأهم من تولوا الديوان بعده فى العصر السلجوقى سديد الدولة أبو عبد الله محمد (١) بن عبد الكريم الأنبارى منشئ ديوان الخلافة لعصر خمسة من الخلفاء هم المستظهر والمسترشد والراشد والمقتفى والمستنجد الذين تولوا الخلافة من سنة ٥٠٣ إلى سنة ٥٥٨ وهى سنة وفاة سديد الدولة، وبذلك ظل كاتب الإنشاء نيفا وخمسين سنة ويقال إنه عمّر حتى قارب التسعين، ولم يسجل العماد ولا صبح الأعشى للقلقشندى شيئا من نثره. وخلفه على ديوان الإنشاء ابنه محمد (٢) بن محمد بن عبد الكريم، وظل قائما عليه حتى توفى بدوره سنة ٥٧٥. وربما كان أهم من ولوا هذا الديوان فى عهد الخليفة الناصر لدين الله يحيى (٣) بن زبادة المتوفى سنة ٥٩٤ وقد أشاد به ابن خلكان ونوّه طويلا قائلا: «انتهت إليه المعرفة بأمور الكتابة والإنشاء والحساب مع مشاركته فى الفقه وعلم الكلام والأصول وغير ذلك. . وخدم الديوان من صباه إلى أن توفى عدة خدمات، وكان مليح العبارة فى الإنشاء جيد الفكرة حلو الترصيع لطيف الإشارة، وكان الغالب عليه فى رسائله العناية بالمعانى أكثر من طلب التسجيع، وله رسائل بليغة». وقد احتفظ القلقشندى برسالة (٤) له كتب بها عن الخليفة الناصر إلى الطواشى طغرل صاحب إقطاع البصرة، وقد بلغ الخليفة أنه نزح عنها مفارقا لطاعته عند ما طلب من ديوانه بعض المال، وهو فى الرسالة يحاول إثناءه عن خلع الطاعة ويذكر أن الخليفة سيتلقاه بالصفح والقبول، وفيها يقول:


(١) انظر الخريدة (قسم العراق) ١/ ١٤٠ والمنتظم ١٠/ ٢٠٦ والنجوم الزاهرة ٥/ ٣٦٤ والشذرات ٤/ ١٨٤.
(٢) انظره فى الخريدة (قسم العراق) ١/ ١٤١ وابن الأثير فى وفيات سنة ٥٧٥.
(٣) انظر ترجمة ابن زيادة فى معجم الأدباء ٢٠/ ١٦ وابن خلكان ٦/ ٢٤٤ ومرآة الجنان ٦/ ٢٤٤ والشذرات ٤/ ٣١٨.
(٤) صبح الأعشى (طبع دار الكتب المصرية) ٨/ ٢٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>