للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونميل إلى الأخذ برأى العماد لأنه ظل طويلا ببغداد. وقد كفّ بصر العلاء فى آخر حياته فكان ابن أخته هبة الله بن الحسن يكتب الرسائل عنه. وظل جاهه يزيد عند المقتدى كل يوم حتى ضمّ إلى رياسته لديوان الرسائل النيابة فى الوزارة وظل يضمهما فى عهد المستظهر.

ويقول العماد عنه: «كان بليغ الإنشاء، سديد الآراء، رسائله تعبر عن غزارة فضله ووفور علمه» ويقول الصفدى: «أحد الكتاب المعروفين الذين يضرب بهم المثل».

وقد احتفظ كتاب صيح الأعشى للعلاء فى جزئه السادس بثلاث رسائل: رسالة بشارة بالنصر على البساسيرى فى منتصف القرن الخامس حين قضى عليه طغرلبك، وهى موجهة من الخليفة القائم إلى صاحب غزنة، ورسالة ثانية موجهة من الخليفة القائم أيضا إلى شخص عيّنه وزيرا له ورسالة ثالثة موجهة منه إلى أتسز. وبالمثل احتفظ صبح الأعشى فى جزئه العاشر بثلاث رسائل أخرى، أولاها عهد ليوسف بن تاشفين بسلطنة الأندلس وبلاد المغرب، وهو موجه إليه من الخليفة القائم، ومعروف أن يوسف ابن تاشفين إنما تسلطن على الأندلس فى سنة ٤٨٥ بعد وفاة القائم بنحو ثمانية عشر عاما، فإما أن يكون العهد خاصا بسلطنته على بلاد المغرب، وإما أن يكون موجها إلى يوسف من الخليفة المقتدى الذى تسلطن يوسف على الأندلس فى عهده أو من الخليفة المستظهر تاليه فى الخلافة منذ سنة ٤٨٧ والعهد طويل، إذ يقع فى نحو أربع عشرة صفحة، ويشتمل على عشرين آية قرآنية، مما يدل بوضوح على حفظ ابن الموصلايا للقرآن وأنه كان يقبس من أضوائه فى رسائله مثل الصابئ. والرسالة الثانية موجهة من القائم إلى ابن جهير حين استوزره وأرّخ القلقشندى الرسالة بسنة ٤٧٢ وكان القائم قد توفى منذ خمس سنوات، ومعروف أن القائم استوزر ابن جهير مرتين: مرة سنة ٤٥٥ ومرة سنة ٤٦١ وظل فى الوزارة حتى توفى القائم، وأقره الخليفة المقتدى على الوزارة سنين، ثم عزله. وبذلك يكون التاريخ الذى أرخ به القلشندى هذه الرسالة الثانية غير دقيق.

والرسالة الثالثة موجهة من القائم إلى جاثليق النصارى النسطوريين فى صورة عهد بحياطته هو وأهل ملته فى نفوسهم وأموالهم وبيعهم وديارهم ومقارّ صلاتهم، على أن تؤخذ الجزية-وكانت أشبه بضريبة دفاع-من رجالهم ذوى القدرة دون النساء ومن لم يبلغ الحلم، ولا تؤخذ إلا مرة واحدة فى السنة. والعهد يجعل الجاثليق النسطورى لا رئيسا للنساطرة المسيحيين الشرقيين فحسب، بل أيضا للروم واليعاقبة فى بغداد وسائر البلدان الإسلامية، فهو بطرك النصارى العام. ويلفتنا فى العهد لابن تاشفين وفى الرسالة الموجهة إلى ابن جهير وكذلك فى الرسالة التى تبشر بالنصر على البساسيرى أن ابن الموصلايا يطيل

<<  <  ج: ص:  >  >>