للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد استعار صورة البعير لهذا الليل الذى لا يزول. ومضى فاستعار صورة القيد لفرسه، فسماه قيد الأوابد فهى لا تفوته، على نحو ما مر بنا فى بيته:

وقد أغتدى والطير فى وكناتها ... بمنجرد قيد الأوابد هيكل

وإذا صحت رواية (١) أمال بدلا من أهان فى قوله يصف البرق:

يضئ سناه أو مصابيح راهب ... أمال السّليط فى الذّبال المفتّل

كان البيت يتضمن استعارة بديعة، لأن من معانى أمال رعى، وكأنه استعار صورة رعى الأنعام للنبات لما يفنيه الذبال من الزيت شيئا فشيئا. وإذا تركنا معلقته إلى مطولته (ألا انعم صباحا) وجدناه يستعير للحلىّ على نحر صاحبته وتوهجه صورة الجمر، يقول:

كأنّ على لبّاتها جمر مصطل ... أصاب غضا جزلا وكفّ بأجذال (٢)

ومن الحق أن الاستعارة قليلة فى أشعاره، ولكنها على كل حال مبثوثة فيها، مثلها مثل لونى البديع المسميين بالطباق والجناس، ومن أمثلة طباقه قوله فى المعلقة يصف غدائر صاحبته:

غدائره مستشزرات إلى العلا ... تضلّ المدارى فى مثنّى ومرسل (٣)

وقوله يصف فرسه:

مكرّ مفرّ مقبل مدبر معا ... كجلمود صخر حطّه السّيل من عل

ومن أمثلة الجناس قوله فى غزله:

وإن كنت قد ساعتك منى خليقة ... فسلّى ثيابى من ثيابك تنسل

وقوله:

ألا أيها الليل الطويل ألا انجلى ... بصبح وما الإصباح فيك بأمثل


(١) ابن المعتز ص ٧.
(٢) الغضا: من أشجار نجد. الجزل: الكثير، كف: مد. الأجذال: أصول الشجر. يقول إنه جمر لا يزال متقدا، لأن بجواره مصطليا يقلبه ويتعهده ومن حوله أصول شجر الغضا وعيدانه لا يزال يمد بها النار.
(٣) مستشزرات: مفتولات، المدارى: الأمشاط.

<<  <  ج: ص:  >  >>