الإمام المستور مثل الإسماعيلية، وهم لا يأخذون بفكرة العصمة فى الإمام ولا بفكرة العلم الباطن ولا بفكرة أن الإمامة مقصورة على فرع الحسين وحده من العلويين دون فرع الحسن. وبذلك كانت الزيدية فرقة شيعية معتدلة.
ومرّ بنا فى قسم العراق حديث مفصّل عن فرقة الإمامية الاثنى عشرية وأنها تجعل الإمامة مقصورة على أبناء الحسين، وترى أنها تتابعت بعد على فى الحسن ثم الحسين وذريته بادئة بابنه على زين العابدين، فابنه محمد الباقر، فابنه جعفر الصادق، وتفترق بعد هذا الإمام السادس فرقة الإمامية عن فرقة الإسماعيلية كما مرّ بنا فى العراق، إذ ترى أن الإمامة بعد جعفر الصادق انتقلت إلى ابنه موسى الكاظم، وتوالت بعده فى أبنائه وأحفاده: على الرضا، فمحمد الجواد، فعلى الهادى، فالحسن العسكرى، فمحمد المهدى الذى اختفى، وهو الإمام الثانى عشر ولذلك يسمون الاثنى عشرية، ويؤمن الإمامية حتى اليوم بأنه سيعود ويملأ الأرض عدلا وعلما، وهو بذلك الإمام المنتظر صاحب الزمان.
وعنصر أساسى ثان فى عقيدة الإمامية عرضنا له فى قسم العراق وهو ما يعتقدونه من أن الإمام معصوم، وهى عصمة ترفعه درجات عن الطبيعة البشرية فى اعتقادهم إذ تجعله نقيا من الذنوب بريئا من العيوب، لا يعتريه خطأ. وعنصر أساسى ثالث هو علمه لا العلم الظاهر فحسب، كما يؤمن الزيدية، بل العلم الباطنى الإلهى الذى يتوارثه الأئمة عن النبى والذى ينتقل فيهم من إمام إلى إمام، بحيث يصبحون هم وحدهم العالمين بالمعانى الحقيقية للقرآن الكريم، وهو ما فسح عند الإمامية والإسماعيلية أيضا للتأويل الواسع فى آيات الذكر الحكيم.
والإسماعيلية تختتم سلسلة أئمتها الظاهرين بالإمام السابع إسماعيل بن جعفر الصادق، وكان قد توفى قبل أبيه فعدلت عنه الإمامية الاثنا عشرية إلى أخيه موسى الكاظم، أما الإسماعيلية فتمسكت به لأنه الابن الأكبر لجعفر الصادق وعندهم أن النص على الإمام لا يتغير، بل يرثه عنه ابنه الأكبر، حتى لو توفى فى حياة أبيه كما توفى إسماعيل، وتبعه خلفاؤه فى سلسلة متصلة، وهم مستترون مختفون، حتى آتت الدعوة السرية ثمرتها، فظهر الإمام فى شخص عبيد الله المهدى مؤسس الدولة الفاطمية فى شمالى إفريقيا.
وتسمى هذه الفرقة باسم السبعية تمييزا لها من الإمامية الاثنى عشرية، لأنها تجعل أئمتها يتوالون فى حلقات أو أدوار سبعية، والسابع أعلاهم درجة إذ هو الإمام الناطق المبعوث برسالة تفوق كل رسالة سبقتها، حتى رسالة الرسول صلى الله عليه وسلم، كبرت كلمة تخرج من أفواههم. وعندهم أن الإمام هو التجلّى الأعظم للعقل الكلى، وفى ذلك ما يؤكد نفوذ