للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المتوفى سنة ٥٤٨ وهو من شهرستان فى شمالى خوارزم، واشتهر بكتابه الفريد «الملل والنحل» الذى ألفه فى سنة ٥٢١ وهو فى علم مقارنة الملل والأديان. وكان تسامح المسلمين مع أهل الكتاب من قديم سببا فى نشأة هذا العلم نشأة مبكرة لدى العرب، فمنذ القرن الثالث الهجرى وهم يؤلفون فيه إلى أن ظهر البيرونى وألف كتابه «تحقيق ما للهند من مقولة» الذى تحدثنا عنه آنفا، وقلنا إنه يبحث فيه مباحث دقيقة فى الديانات، وجاء بعده ابن حزم الأندلسى المتوفى سنة ٤٥٦ وألف كتابه «الفصل فى الملل والأهواء والنحل» وخلفه الشهرستانى، فألف كتابه سالف الذكر عارضا فيه جميع الفرق الإسلامية وديانات أهل الكتاب وديانات غيرهم من أهل الشرك فى اعتدال وإنصاف وبصر نافذ، وهو لا يبارى فى دقته وذكائه وتمييزه بين المعتقدات والملل سواء تحدث عن عالمه الإسلامى أو عن عالم الفرس القديم ودياناته أو عن عالم الهند أو عالم اليونان.

وظلت طوال العصر دراسات علوم الأوائل ناشطة وفى مقدمتها الرياضيات والفلك، وقد تقدم العرب بهما فى مطالع هذا العصر خطوات على نحو ما يصوّر ذلك ألدومييلى فى كتابه العلم (١) عند العرب، ومن نابهيهم فى القرن الرابع الهجرى ممن تحدّث عنهم أبو الفتح محمود بن محمد الأصفهانى الذى نقح كتاب المخروطيات لأبولونيوس، وأبو جعفر الخازن الخراسانى، وله كتاب فى الفلك وصف فيه عددا من آلات الرصد الفلكية، وأبو الحسين الصوفى مؤلف كتاب الكواكب الثابتة، وهو محلّى بالرسوم، ويقول ألدومييلى إنه صحّح فيه كثيرا من أخطاء بطليموس، وانتفع بتصحيحاته علماء الفلك المحدثون. واطرد هذا النشاط العلمى فى القرن الخامس إذ نجد أبا الحسن على بن أحمد النسوى يؤلف بالفارسية كتابا فى اللوغارتمات ويترجمه إلى العربية بعنوان المقنع فى الحساب الهندى. ويشمل نظام الملك فى الدولة السلجوقية برعايته الكثير من العلماء الرياضيين، وفى مقدمتهم (٢) عمر الخيام صاحب الرباعيات المشهورة، وله كتاب فذ فى علم الجبر رتب فيه-كما يقول ألدومييلى-الصور المختلفة للمعادلات ذات الدرجة الثانية والثالثة ترتيبا منظما، وقد عهد إليه نظام الملك بإصلاح التقويم، وبنى له مرصدا سنة ٤٧١ ويظن أنه إما كان فى مرو وإما فى أصفهان وإما فى نيسابور، وعيّن له ثمانية من علماء الفلك يساعدونه فأصلح التقويم


= ٤/ ١٣٢ وروضات الجنات ١٨٦ وبراون ص ٤٥٩ ودائرة المعارف الإسلامية.
(١) انظر العلم عند العرب ص ٢١٢ وما بعدها.
(٢) راجع فى عمر الخيام وترجمته القفطى ص ٢٤٣ وآثار البلاد للقزوينى (طبعة وستنفلد) ص ٣١٨ وبراون ص ٣٠٤ وألدومييلى ص ٢١٤، ٢٢١ ودائرة المعارف الإسلامية.

<<  <  ج: ص:  >  >>