للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على تفسيرات ابن جى إيرانىّ ثان هو أبو على بن فورّجة (١) البروجردىّ المتوفى سنة ٤٣٧ وقد كتب فى ذلك كتابين: كتاب الفتح على فتح أبى الفتح لابن جنى يقصد كتابه الفتح الوهبى على مشكلات المتنبى وقد نشره الدكتور محسن غياض ببغداد نشرة علمية محققة.

ولابن فورجه كتاب ثان فى الرد على ابن جنى سمّاه كتاب التجنى على ابن جنى، والأبيات فى كتاب الفتح مرتبة على الحروف الهجائية، وعماده الرد على ابن جنى، وفيه أيضا ردود على القاضى على بن عبد العزيز الجرجانى فى وساطته وأبى على الحاتمى فى رسالته الحاتمية والصاحب بن عباد فى كشفه عن مساوى المتنبى، وهو يغلط-كما لاحظ الدكتور غياض-فى ردوده على الصاحب إذ يراه متحاملا عليه متجنيا! وفيه يقول:

«ما شهدت أحدا من الفضلاء وذوى العقول يذم المتنبى غير هذا الظالم». ويبدو من ملاحظات ابن فورجة فى الكتاب وسوقه لكلامه أنه من أنصار المتنبى وأنه درس شعره دراسة نقدية جيدة جعلته يطّلع على كثير من خصائصه، من ذلك ملاحظته على البيت:

وإنى لمن قوم كأنّ نفوسنا ... بها أنف أن تسكن اللّحم والعظما

فقد لاحظ أن المتنبى فى فخره قال كأن نفوسنا ولم يقل كأن نفوسهم بإعادة ضمير الغيبة على القوم، وهو ضرب من الالتفات، إذ يلتفتون من ضمير الغيبة إلى ضمير المتكلم كما فى البيت أو ضمير المخاطب. ثم قال إن ابن جنى سأله عن ذلك فقال إنه إذا أعاد الذكر على لفظ الخطاب كان أبلغ وأمدح من أن يرده على لفظ الغيبة، ويعقب على ذلك ابن فورجة بقوله: «وقد استقريت شعره كله فوجدته لا ينزل عن هذا المذهب فى كل ما مدح به، فإذا أورد ضميرا فى ذمّ ردّه إلى الكلام الأول تفاديا أن يخاطب به مواجها أو يرده إلى نفسه مخبرا (أى أنه يرد الضمير إلى الغيبة). ومع أنه يبدو دائما مدافعا عن المتنبى وخاصة أمام الصاحب كما قدمنا فإنه ينصّ على بعض سيئاته، فيقول فى قصيدته «ملتّ القطر أعطشها ربوعا» هذه القصيدة كلها من الشعر الّرذل الذى لا ينتفع به ولا بتفسيره.

وحرى بنا أن نذكر تتمة لهذا النشاط النقدى الذى عقده النقاد الإيرانيون حول شعر المتنبى شرح على بن أحمد الواحدى الذى مرّ ذكره (٢) لديوان المتنبى، وقد ألّفت شروح كثيرة للديوان ولكن نخص هذا الشرح بالذكر هنا، لا لأنه أفاد من كل الشروح السابقة له، بل لأنه رتب أشعار الديوان ترتيبا تاريخيا على حياة المتنبى وأيامه، وهو ما لم يتح لديوان


(١) انظر فى ابن فورجة تتمة اليتيمة ١/ ١٢٣ ومعجم الأدباء ١٨/ ١٨٨ وفوات الوفيات ٢/ ٢٤٧ وإنباه الرواة ١/ ٣٣٤ وما به من مراجع.
(٢) راجع فى الواحدى دمية القصر ومعجم الأدباء ١٢/ ٢٥٧ وإنباه الرواة ٢/ ٢٢٣ والسبكى ٥/ ٢٤٠ وشذرات الذهب ٣/ ٣٣٠ وابن خلكان ٣/ ٣٠٣

<<  <  ج: ص:  >  >>