الشعر» ويبدأ بنبذ عن ابتداء أمر المتنبى، ويورد بعض أخباره، ثم يعرض طائفة من معانيه التى استظهرها علية الكتاب فى عصره برسائلهم من أمثال الصاحب بن عباد وأبى إسحاق الصابئ وأبى العباس الضّبّى والخوارزمى، كما يعرض طائفة من المعانى التى سرقها الشعراء منه من أمثال أبى الفرج الببّغاء والمهلبى الوزير والصاحب بن عباد والسّرىّ الرفّاء ويقول عنه إنه كثير الأخذ من المتنبى، ويذكر معه أيضا أبا بكر الخوارزمى وأبا الفتح البستى وأبا الحسن السلامى وأبا القاسم الزعفرانى. ويعرض لبعض سرقات المتنبى من غيره وما تكرر من معانيه، ثم يسترسل فى بيان مساوى شعره مستضيئا فى ذلك بما كتبه الصاحب بن عباد فى رسالته آنفة الذكر، ثم يفيض فى بيان محاسن شعره، مشيدا بنسيبه بالأعرابيات، ومخاطبة الممدوح بمثل مخاطبة المحبوب والصديق، واستعمال ألفاظ الغزل والنسيب فى أوصاف الحرب وما اشتهر به من الأمثال والحكم وطرائف المعانى. وكان يعاصر الثعالبى ناقد يسمى أبا القاسم (١) عبد الله بن عبد الرحمن الأصفهانى عاش فى النصف الأخير من القرن الرابع والربع الأول من القرن الخامس، وقد ألف كتابا نشر أخيرا فى تونس سماه الواضح فى مشكلات شعر المتنبى، ذكر فى مقدمته نبذة عن المتنبى عرض فيها لنشأته فى الكوفة ولبعض أخباره عن معاصريه من البغداديين والشاميين والشيرازيين، ورماه فى هذه المقدمة بخبث الاعتقاد، وقال إنه وقع فى صغره إلى شخص يسمى أبا الفضل من الكوفة كان من المتفلسفة فهوّسه وأضلّه. ثم مصى يستدل بأبيات من شعره على أخذه بمذهب السوفسطائية وعقيدة التناسخ ورأى الفضائية والإسماعيلية، وعرض لوصف شعره وأن نعت الخيل والحرب من خصائصه، وأن له النادر البدع، وفى بعض ألفاظه تعقيد وتعويص. ثم أخذ يناقش ابن جنّى فى كثير من تفسير شعره مرتبا الأبيات التى ناقشها على الحروف الهجائية، وهو يدل فى نقاشه على قدرة فى فهم الشعر وتحليل معانيه. وقد بدأ تحليلاته بقول المتنبى:
أأحبّه وأحبّ فيه ملامة ... إن الملامة فيه من أعدائه
وذكر أن اين جى زعم أنه ناقض بذلك أبا الشّيص فى قوله:
أجد الملامة فى هواك لذيذة ... حبّا لذكرك فليلمنى اللّوم
ويعلق على ذلك بقوله: معنى المتنبى بخلاف قول أبى الشيص، وإنما يريد المتنبى:
إنى أحب حبيبى واللوّام ينهون عنه فكيف نأتلف، وأبو الشيص يريد بقوله: أحب اللوم لا لنهى عن هواك بل لتكرر ذكرك فى تضاعيف الكلام وأثناء الملام. ومضى الأصفهانى على هذا النحو يرد على ابن جنى بعض تفسيراته لشعر المتنبى حتى نهاية الكتاب. وعنى بالرد