للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمن واسطة الهند ... إلى ساحة جرجان

ومن قاصية السّند ... إلى أقصى خرّاسان

وأفريدون من ملوك الفرس الأسطوريين، وآل بهرام هم السامانيون الذى قضى عليهم محمود وامتلك ديارهم، ويسميه ابن خاقان لأنه تركى، وقد ضم إيران جميعها إلى ملكه ما عدا إقليمى فارس وكرمان، كما مر بنا فى غير هذا الموضع. ويكثر بعده مديح السلاجقة ووزرائهم، وخاصة نظام الملك، ومدّاحه يتعاقبون فى كتاب دمية القصر بالعشرات، مع أن مؤلفها الباخرزىّ توفى قبله بنحو سبعة عشر عاما، وممن ذكرهم بين مدّاحه الفيّاض الهروىّ، وله فيه وفى فتوح سلطانه ألب أرسلان فى آسية الصغرى وأسره لإمبراطور بيزنطة قصيدة بديعة، يذكر فيها جيش رومانوس الجرّار ومناه فى احتلال ديار السلطان السلجوقى، وكيف ردّ الله كيده فى نحره، فسحق جيشه سحقا، وقتل منه ما لا يحصى، وأسر الإمبراطور ووقف بين يدى ألب أرسلان ذليلا خانعا، وأهوى على الأرض يلثم التراب بين يديه. ويصوّر ذلك كله الفياض الهروى مشيدا بنظام الملك وقيادته مع ألب أرسلان لجيش المسلمين قائلا (١):

إذا ما ملوك الأرض عدّوا فإنما ... لكم كاهل المجد الأشمّ وغاربه

أحاسده مهلا فهذى سيوفه ... وهاتيك يوم المكرمات مواهبه

ويتوالى سلاطين الدولة السلجوقية ووزراؤهم ويتوالى مديحهم عند الطّغرائى والأرّجانى وغيرهما من معاصريهما. وكان وراء أمراء العصر ووزرائه كثيرون من علية القوم يخصّهم الشعراء بمدائحهم، وقد دّبّجت فيهم قصائد كثيرة.

وكانوا يهنّئون كثيرا لا بالأعياد فحسب، بل أيضا بالمواليد، وفى اليتيمة والدّمية من ذلك قصائد ومقطوعات مختلفة. وكثر فى العصر مديح الفقهاء والعلماء يمدحهم تلاميذهم ومريدوهم والمعجبون بهم، من ذلك ما أنشده الباخرزى لأبى المطهّر الأصفهانى فى أستاذه الإمام الموفق محمد بن هبة الله وكان من أئمة الشافعية فى نيسابور، وله يقول تلميذه من قصيدة طويلة (٢):

يا أيها المولى الأجلّ ومن به ... أصبحت آمن من تحصّن فى الذّرى

أنبتّنى ورعيتنى وسموت بى ... غصنا بأبكار البيان منوّرا

ولابن عنين قصيدة رائعة سيّرها من نيسابور إلى الفخر الرازى بهراة، وفيها يشيد بقضائه على البدع فى عصره، ويرفعه فوق ابن سينا وأرسطو وبطليموس درجات


(١) الدمية ٢/ ٢٨٦ وما بعدها.
(٢) الدمية ١/ ٤٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>