للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أتاك بقول هلهل النّسج كاذب ... ولم يات بالحق الذى هو ناصع

أتاك بقول لم أكن لأقوله ... ولو كبلت فى ساعدىّ الجوامع (١)

وإنما أدخلوا هذه الأبيات ليشيروا بها إلى ما قالوه من أن السبب فى هربه من النعمان أن مرة بن سعد بن قريع وعبد قيس بن خفاف نظما هجاء فى النعمان على لسانه، فلما علم به فرّ على وجهه. ونحن ننفى هذه الأبيات عن القصيدة ونبقى على ما عداها ونعده صحيحا. ونقف نفس الموقف من هذه الأبيات التى جاءت فى معلقته والتى يقول فيها عن النعمان بن المنذر:

ولا أرى فاعلا فى الناس يشبهه ... ولا أحاشى من الأقوام من أحد

إلا سليمان إذ قال الإله له ... قم فى البريّة فاحددها عن الفند (٢)

وخيّس الجنّ إنى قد أذنت لهم ... يبنون تدمر بالصّفّاح والعمد (٣)

فمن أطاعك فانفعه بطاعته ... كما أطاعك وادلله على الرّشد

ومن عصاك فعاقبه معاقبة ... تنهى الظلوم ولا تقعد على ضمد (٤)

إلا لمثلك أو من أنت سابقه ... سبق الجواد إذا استولى على الأمد (٥)

وواضح أنه يسترسل فى الحديث عن سليمان كأنه من أهل الكتب السماويه وقد كان وثنيّا على مذهب قومه، وبحق رأى طه حسين أن الأبيات أقحمت على المعلقة إقحاما (٦). وقد نسبت إلى النابغة أبيات فى غير رواية الأصمعى يقول فيها معتذر إلى النعمان:

أتيتك عاريا خلقا ثيابى ... على خوف تظنّ بى الظنون

فألفيت الأمانة لم تخنها ... كذلك كان نوح لا يخون


(١) كبلت: وضعت. الجوامع: الأغلال.
(٢) احددها: امنعها. الفند: الخطأ فى القول والفعل.
(٣) خيس: ذلل. تدمر: مدينة الزباء فى بادية الشام. الصفاح: حجارة عراض. العمد: أساطين الرخام.
(٤) الضمد: الغيظ وشدة الغضب.
(٥) الأمد: الغاية التى تجرى إليها الخيل. والبيت معلق بما قبله أى لا تقعد على غيظ إلا لمن هو مثلك فى الناس أو قريب منك.
(٦) فى الأدب الجاهلى ص ٣٣٧ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>