الشرق فاستطاع محمد بن القاسم فتح السند واستطاع قتيبة بن مسلم أن يمتد بانتصاراته إلى الإقليم المسمى الآن باسم أوزبكستان وعاصمته حينذاك سمرقند. وأما فى الغرب فقد استطاع موسى بن نصير ومولاه طارق بن زياد أن يقضيا على الدولة القوطية فى إسبانيا، وأن يبلغا بفتوحهما هناك أصى الشما. وهذه الفتوح كانت تعود على الدولة بأموال عظيمة مم هيأ لرخاء واسع فى ديار الشام، كما هيأ للوليد نفسه أن يهتم فى دمشق بالعمران وأن يقيم بها الجامع الأموى العظيم ويقال إنه عمل به من البيزنطينيين وحدهم ألف ومائتا عامل سوى من عمل به من الفرس وأهل الشام وقد زيّنت جدرانه وسقوفه بالرخام المطعم والفسيفساء التى كانت تمثل مدنا وأشجارا من كل نوع سوى ما كان فيه من أعمدة وتزاويق عجيبة.
وخلف الوليد أخوه سليمان واتخذ بلدة الرملة بفلسطين حاضرة له. وكان من سوء تدبيره أن نكّل بقواد الوليد العظام، فقتل قتيبة ولم يعرف مصير موسى بن نصير ولا محمد بن القاسم، وحسنته الوحيدة انه استخلف بعده ابن عمه الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز، وقد ألغى سبّ على بن أبى طالب على المنابر وعمل على استمالة الشيعة والخوارج والنصارى وخفّف من ضرائب الجزية المفروضة على الأخيرين فى قبرس وأيلة (العقبة) ونجران ومصر، وسوّى بين العرب والموالى فى الضرائب وأعفى منها المشتركين منهم فى حرب خراسان مع فرض أعطيات لهم، غير أن حكمه كان قصيرا من سنة ٩٩ إلى ١٠١. ولم يأخذ خلفاؤه بإصلاحاته، وعجّل ذلك باضمحلال الدولة. وأولهم بعده يزيد بن عبد الملك الذى لم يأخذ بسيرته وإصلاحاته وانغمس فى الملاهى، وتلاه بعد نحو أربع سنوات أخوه هشام الذى اتخذ مقره فى الرّصافة على الفرات، وفى عهده ثار زيد بن على بن الحسين فى الكوفة سنة ١٢١ وقتل وصلب، واستغلّ ذلك دعاة العباسيين مما مهد السبيل لقيام خلافتهم بعد نحو عشر سنوات. ومنى عرب الأندلس بهزيمتهم جنوبى فرنسا سنة ١١٤ للهجرة أمام شارل مارتل.
وتوفّى هشام سنة ١٢٤ وخلفه عهد تضعضعت فيه الدولة الأموية وآذنت شمسها بالمغيب، فقد خلفه ابن أخيه الوليد بن يزيد وكان شاعرا ماجنا فلقى مصرعه سريعا، وجاء بعده يزيد بن الوليد وسرعان ما توفى بعد خلافته بنحو خمسة أشهر وتلاه أخوه إبراهيم ولم يرضه الناس ولا الأسرة الأموية، وتحولت مقاليد الخلافة إلى مروان بن محمد بن مروان بن الحكم، وكأنه لم يعد فى أسرة عبد الملك من يصلح لها. وكان محاربا عالى الهمة، وأخطأ بنقله عاصمة الخلافة إلى حرّان، فانفضّ عنه بدو الشام، ونشبت فتن كثيرة أضعفت قواه، بعضها فى الشام وبعضها فى