وتصادف أن كان الكامل مشغولا بصراع مع داود ابن أخيه المعظم عيسى صاحب دمشق فارتضى أن يتنازل لفردريك عن القدس فى مقابل عونه له ضد ابن أخيه وكان قد استعان بأخيه الملك الأشرف موسى ضده أيضا وحاصراه وتسلما منه دمشق وأعطاها الكامل لأخيه وعوض داود الشوبك بدلا منها.
وبمجرد أن تسلم فردريك القدس قامت قيامة الناس فلم يقم بها سوى ليلتين وعاد إلى يافا مذموما مدحورا. وتوفى الأشرف موسى صاحب دمشق سنة ٦٣٥ ولم يلبث أخوه الكامل أن توفى على أثره فى نفس السنة بدمشق، وكان ابنه الأكبر الملك الصالح نجم الدين أيوب نائبا له على الشرق وإقليم ديار بكر، وكان ابنه العادل الصغير نائبا له على مصر فرأى أمراؤه أن يضيفوا إليه ملك الشام، ولم يرض ذلك الملك الصالح فنحّى أخاه فى سنة ٦٣٧ عن ملك مصر وانتهز عمه إسماعيل صاحب بعلبك الفرصة واستولى فى نفس السنة على دمشق ونشب صراع بينه وبين الملك الصالح واستعان ضده بحملة الصليب وعقد بينه وبينهم تحالفا أثار سخط العالم الإسلامى، وهزم الملك الصالح الحليفين فى غزة سنة ٦٤٣ ودخلت دمشق فى حوزته.
وبذلك أعاد الملك الصالح توحيد مملكة صلاح الدين من النيل إلى الفرات، ولم ينعم بذلك طويلا إذ نزل به مرض شديد سنة ٦٤٧ وكان بدمشق وسمع بنزول لويس التاسع بدمياط، فأسرع لمنازلته وهو مريض محمول على محفّة لشدة مرضه، واتجه توّا للقاء العدو بالمنصورة شمالى الدلتا فى الطريق إلى دمياط، وهناك لبّى نداء ربه مجاهدا مدافعا عن الإسلام والمسلمين. وكتمت زوجته شجرة الدر موته حتى قدم ابنه المعظم توران شاه من الجزيرة وأدار المعركة ضد لويس-كما مر بنا فى قسم مصر-وسحق جيشه سحقا ذريعا، وكبله بالسلاسل والأغلال، إلى أن فدا نفسه وخرج من مصر. وسوّلت له شياطينه أن يذهب إلى حملة الصليب فى الساحل الشامى لعله يسترد كرامته التى أهدرت بمصر وبقى بين حملة الصليب نحو أربع سنوات لم تسفر عن شئ، فعاد إلى فرنسا كاسفا مقهورا. أما توران شاه فجزاه مماليك أبيه جزاء سمار إذ سفكوا دمه الطاهر. ورقيت إلى العرش شجرة الدر ثم تنازلت عنه للمعز أيبك مملوك أبيه فأسس دولة المماليك. أما دمشق فاستولى عليها الناصر يوسف الأيوبى صاحب حلب. وكان آخر من حكمها من الأيوبيين: