اسم الفدائيين أو الفداوية كما غلب اسم الحشاشين لأنهم-فيما يظهر-كانوا يتعاطون الحشيش المخدر. وعمل الحسن بن الصبّاح على نشر الدعوة الإسماعيلية لا فى أقاليم إيران فحسب، بل أيضا فى إقليم الشام، فأرسل إليها دعاته، وبادر بإرساله الحكيم المنجم أسعد إلى حلب فى أيام حاكمها رضوان بن تتش السلجوقى (٤٨٨ - ٥٠٧ هـ) فنشر بها الدعوة وكثر أتباعه وأوعز إلى بعض الحشاشين معه باغتيال جناح الدولة صاحب حمص، واغتيل سنة ٤٩٦. ووفد على حلب داعية ثان للحسن بن الصباح هو أبو طاهر واستولى مع شيعته على حصن فامية من الصليبيين ثم استردوه منه. وأخذ الفدائيون من فرقة ابن الصباح يفدون على الموصل والشام واغتالوا فى سنة ٥٢٠ صاحب الموصل آق سنقر. وفى نفس السنة وفد على دمشق نزارى من ألموت، وتقرب من طغتكين صاحبها، وتنازل له عن قلعة بانياس فأخذ يدير دعوته منها، وكثر أتباعه، وأدخل المردغانى وزير بورى (٥٢٢ - ٥٢٦) فى دعوته فعيّن أحد رجاله، وهو أبو الوفا قاضيا لقضاة دمشق. وبعث أبو الوفاء سرا لبلدوين الثانى صاحب بيت المقدس أنه على استعداد لتمكينه من الاستيلاء على دمشق فى نظير تنازله له عن صور، وقدم حملة الصليب إلى دمشق سنة ٥٢٤ لتنفيذ المؤامرة وفطن بورى فقتل أبا الوفاء ووزيره المردغانى، و؟ ؟ ؟ رد الله حملة الصليب عن دمشق مدحورين.
وأخذ الإسماعيليون النزاريون فى بانياس يمكنون لأنفسهم بالاستيلاء على طائفة من القلاع فى السفوح الشرقية لجبال النصيرية بالقرب من طرابلس إلى الشمال بينها وبين حماة، حتى إذا خلص الأمر لرشيد الدين سنان منذ سنة ٥٥٨ أخذ ينظم هذه الجماعة الإرهابية الخطيرة جاعلا من قلاعها وهى مصياف والرصافة وقدموس والخوابى والكهف والمينقة والعلّيقة، مركزا للدعوة. ويعدّ دوره فى الدعوة بالشام كدور الحسن بن الصبّاح فى إيران، فقد ضاعف تحصينات قلاعها وزودها بالسلاح والعتاد، وكان سنان مباينا لنور الدين ولم يحاول أن يساعده فى حربه لحملة الصليب، وفكر نور الدين فى منازلته ولكنه توفى قبل تحقيق فكرته. وبالمثل كانت بين سنان وصلاح الدين مباينة، وأرسل إليه بعض فدائييه أو حشّاشيه مرتين ليغتالوه ونجّى الله صلاح الدين من خناجرهم، وجرّد لهم فى سنة ٥٧٢ جيشا جرارا حاصر به قلاعهم وضيق عليهم، فسألوه الصفح عنهم، فأجابهم إلى ذلك ليتفرغ سريعا لحرب حملة الصليب مؤملا أن يمدوا له يد العون فى تلك الحرب، وكانوا قد وعدوه أن يقفوا معه ضدهم، فلم يتعرض صلاح الدين بعد ذلك لقلاعهم.