للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأبحر فى فروع الفقه الحنفى، وقد ترجم قديما إلى التركية والفرنسية. وصنف شمس الدين العمرتاشى الغزى المتوفى سنة ١٠٠٤ للهجرة كتاب تنوير الأبصار وجامع البحار فى الفقه الحنفى، ومنه ومن شروحه مخطوطات بدار الكتب المصرية.

وكان أقل المذاهب الفقهية الأربعة الكبرى انتشارا وأتباعا فى الشام المذهب المالكى، ويأخذ فى النشاط هناك متأخرا زمن الدولة الأيوبية، منذ بنى صلاح الدين بدمشق للمالكية مدرسته الصلاحية بالقرب من البيمارستان النورى، ويذكر ابن شداد من أساتذتها المهمين ابن الحاجب المتوفى سنة ٦٤٦ وقد مرّ بنا ذكره بين النحاة وله مختصران نفيسان فى الفقه المالكى وعلم الأصول، ودرّس الفقه المالكى أيضا فى زاوية المالكية الملاصقة لغربى الجامع الأموى، بناها أيضا للمالكية صلاح الدين. وخلفه فى المدرسة الصلاحية عبد (١) السلام الزواوى المتوفى سنة ٦٨١ وإليه انتهت رياسة المالكية بالشام ومشيخة القرّاء، وكان معمرا، توفى عن ٩٢ عاما.

ولا يذكر ابن شداد للمالكية وراء المدرسة الصلاحية سوى مدرسة واحدة هى مدرسة الشرابيشى فى حين ذكر للحنفية كما أسلفنا أربعة وثلاثين مدرسة. وكان قد انتعش المذهب المالكى كغيره من المذاهب حين قرر الظاهر بيبرس سنة ٦٦٣ إسناد الحكم فى بلدان الشام الكبرى: دمشق وغيرها إلى أربعة قضاة بينهم قاض مالكى، وكان أول من تولى القضاء المالكى بدمشق حينئذ عبد السلام الزواوى المذكور آنفا، وتعاقب بعده القضاة، كما تعاقب فقهاء المالكية يدرسون للناس المذهب، ومن أهمهم عيسى (٢) بن مسعود مدرس الفقه المالكى بالجامع الأموى المتوفى سنة ٧٤٣ وله شرح جيد على مختصر ابن الحاجب، وشرح المدونة للفقه المالكى لمصنفها سحنون ناشر المذهب فى الديار المغربية، وله شرح موسع على صحيح مسلم وكتاب فى مناقب مالك، وإليه انتهت رياسة المالكية فى الشام. ويلقانا فى كتب التراجم كثيرون يتنقلون بين القاهرة ودمشق متولين لمنصب القضاء المالكى. ويأخذ نشاط المالكية أيام العثمانيين فى التضاؤل والشحوب.

وكان أول من أدخل مذهب الشافعى-فيما يبدو-إلى الشام أبو زرعة (٣) بن عثمان الدمشقى ولى القضاء بالقاهرة ثمانى سنوات، ثم ولى القضاء بدمشق سنة ٢٩٢ حتى توفى سنة ٣٠٢ ويقول


(١) راجع فى عبد السلام الزواوى النجوم الزاهرة ٧/ ٣٥٦ وطبقات القراء ١/ ٣٨٦ والبداية والنهاية ١٣/ ٣٠٠ والسلوك ١/ ٥٤٢
(٢) انظر فى ابن مسعود الدرر الكامنة لابن حجر ٣/ ٢٩٠
(٣) راجع أبا زرعة فى قضاة دمشق لابن طولون (طبع دمشق) ٢٢ والبداية والنهاية ١١/ ١٢٢ والشذرات ٢/ ٢٣٩. والسبكى ٣/ ١٩٦ وقابل على ١/ ٣٢٦

<<  <  ج: ص:  >  >>