للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الملوك-بعد الخلفاء-ما اجتمع بباب سيف الدولة من شيوخ الشعر، ونجوم الدهر» منهم كشاجم-ويقال إنه كان طبّاخة-والخالديان-وكانا خازنى مكتبته-والسّلامى والسّرى الرفّاء والوأواء الدمشقى والنامى المصيصى وابن نباتة السعدى والببّغاء، وكل هؤلاء كانوا شعراء، وترجم لهم الثعالبى، ووراءهم كثيرون كانوا يفدون على سيف الدولة مادحين ثم يعودون بالعطاء إلى أوطانهم شاكرين مثنين.

ومضت الشام فى نهضتها الشعرية وظهر فيها أمثال عبد المحسن الصورى وأبى الرقعمق والواسانى وجميعهم ترجم لهم الثعالبى، ويعنى الباخرزى فى دمية القصر بذكر طائفة من شعراء الشام خاصة من مدح منهم الوزير السلجوقى نظام الملك، وترجم لأبى العلاء المعرى وابن سنان الخفاجى تلميذه ترجمة قصيرة. وبعض من ترجم له ألم به العماد الأصبهانى فى الخريدة. ولم يعن أحد من أصحاب التراجم الشعرية بشعراء النصف الثانى من القرن الخامس ومطالع القرن السادس، ومن أعلام الشعراء الشاميين فى تلك الحقبة ابن حيّوس وله ديوان ضخم فى مجلدين.

ويعرض العماد الأصبهانى فى خريدة القصر تراجم مستفيضة لنحو مائة وثلاثين شاعرا جمهورهم من شعراء القرن السادس حتى زمن كتابته أو تأليفه للخريدة فى أوائل العقد الثامن من القرن، وهم يشغلون ثلاثة أجزاء، أولها خاص بشعراء دمشق والشعراء الأمراء من بنى أيوب، ونراه فى مطلع هذا الجزء يشيد بشعر الشاميين ويرفعه درجات على شعر أهلى العراق، بالضبط كما صنع الثعالبى، يقول: «شعر الشاميين أصح وزنا، وأسحّ مزنا، وأمتن صيغة، وأحسن صبغة، وأحكم صنعة، وأسلم رقعة، وأرفع نسجا، وأنفع مزجا، وأقوم معنى، وأحكم مبنى» ويشيد بطائفة من قدمائهم مثل البحترى وأبى تمام وطائفة من محدثيهم بعدهما مثل عبد المحسن الصورى وابن سنان الخفاجى وابن حيوس، وكأنى به نسى أبا العلاء عامدا لشهرته الواسعة. ويترجم فى هذا الجزء لابن الخياط الدمشقى تلميذ ابن حيوس وديوانه مطبوع. وتلا العماد ذلك بجزء اشتمل على خمسة وأربعين شاعرا بينهم أهم من أنجبتهم الشام فى القرن السادس الهجرى من الشعراء أمثال الغزى وابن منير الطرابلسى والقيسرانى وعرقلة وديوانه مطبوع وفتيان الشاغورى وديوانه مثله مطبوع وابن قسيم الحموى وأسامة بن منقذ وديوانه مطبوع. ويتبع ذلك جزء به نحو ثمانين شاعرا عرض فيه العماد بيوتا وشعراءها كبيت آل المعرى وبيت بنى الدويدة وبيت بنى الحصين، ويذكر طائفة من شعراء حلب ربما كان أهمها حماد الخرّاط. وكأن العماد لم يترك فى الشام لزمنه شاعرا كبيرا ولا صغيرا إلا ترجم له.

<<  <  ج: ص:  >  >>