للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا واحدا فى النّصر غير مشارك ... أقسمت مالك فى البسيطة ثان

كم وقعة لك فى الفرنج حديثها ... قد سار فى الآفاق والبلدان

وجعلت فى أعناقهم أغلالهم ... وسحبتهم هونا على الأذقان

ويحمل الراية بعد نور الدين فى منازلة حملة الصليب البطل المظفر صلاح الدين مؤسس الدولة الأيوبية، وفتوحه العظيمة مصوّرة فى الجزء الخاص بمصر، وما وافت سنة ٥٨٣ حتى تمت له هذه الفتوح بعد وقعة حطين المباركة التى استولى بعدها على بيت المقدس أهم مملكة كانت لحملة الصليب كما استولى على كثير من الحصون على الساحل الشامى، ولم يبق فى الشام ولا فى الموصل والعراق شاعر إلا وتغنى بفتوح هذا البطل الباسل، تغنى بها سبط بن التعاويذى البغدادى وموفق الدين الإربلىّ والشاتالى الموصلى وابن الساعاتى الدمشقى وله مدائح كثيرة متناثرة فى كتاب الخريدة، وللعماد فى هذه الفتوح قصيدة رائعة أنشدنا منها قطعة فى الجزء الخاص بمصر، ولابن الشحنة الموصلى فيه مدحة طارت شهرتها لقوله فيها هذين البيتين السائرين (١):

وإنى امرؤ أحببتكم لمكارم ... سمعت بها والأذن كالعين تعشق

وقالت لى الآمال إن كنت لا حقا ... بأبناء أيوب فأنت الموفّق

ودار الزمن ودانت مصر والشام-بعد صلاح الدين-لأخيه العادل، ولابن عنين الدمشقى فيه وفى ولديه المعظم عيسى والأشرف موسى مدائح مختلفة. وبينها رائية بديعة فى العادل يستعطفه بها فى العودة إلى دمشق وكان صلاح الدين نفاه منها لكثرة أهاجيه فى أهلها، وأذن له العادل فى العودة، وفيها يقول (٢):

العادل الملك الذى أسماؤه ... فى كل ناحية تشرّف منبرا

نسخت خلائقه الكريمة ما أتى ... فى الكتب عن كسرى الملوك وقيصرا

ملك إذا خفّت حلوم ذوى النّهى ... فى الرّوع زاد رزانة وتوقرّا

ومعروف أن آل أيوب توزعوا فيما بينهم بلدان الشام، وكان لكل منهم شاعره الذى يتغنى بمناقبه وأعماله، ونذكر من بينهم نور الدين مودود شحنة دمشق ابن أخى صلاح الدين لأمه،


(١) النجوم الزاهرة ٦/ ٥٨
(٢) ديوان ابن عنين (تحقيق خليل مردم-طبع دار صادر) ص ٦

<<  <  ج: ص:  >  >>