للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اعتزل ذكر الأغانى والغزل ... وقل الفصل وجانب من هزل

واتّق الله فتقوى الله ما ... مازجت قلب امرئ إلا وصل

قاطع الدنيا فمن عاداتها ... تخفض العالى وتعلى من سفل

لا تقل أصلى وفصلى أبدا ... إنما أصل الفتى ما قد حصل

مل عن النمّام واهجره فما ... بلّغ المكروه إلا من نقل

والقصيدة جميعها على هذه الشاكلة حكم وأمثال ونصائح غالية وكأنها أعلام تهدى الإنسان فى سلوكه الطريق القويم. ويظل الشعراء بعد ابن الوردى ينظمون مثل هذه الحكم أيام المماليك وأيضا أيام العثمانيين، إذ نقرأ لبعض الشعراء حكما وأمثالا منثورة فى أشعارهم وتراجمهم، كقول حسين بن أحمد الجزرى الحلبى المتوفى سنة ١٠٣٤ للهجرة (١):

حاذر عداك الأقربين من الورى ... فأضرّها القرباء والقرناء

وتوقّ من كيد الحقود ولين ما ... يبدى فقد يصدى الحسام الماء

ويذكر ابن معصوم لشاعر يسمى نجيب الدين على بن محمد العاملى رحلة أودعها أشعارا على طريقة ديوان الصادح والباغم لابن الهبّارية وما فيه من حكم ومعان خلقية تهذيبية، ويسوق ابن معصوم طائفة من حكمه كقوله (٢):

المرء لا يسلم من حاسد ... أو شامت فى اليسر والعسر

وتكثر الحكم أيضا فى كتاب نفحة الريحانة للمحبى، وهى من قديم كثيرة فى الشعر العربى كما أسلفنا. وحرى بنا أن نقف قليلا عند أبى العلاء أكبر شعراء الحكمة والفلسفة لا فى الشام وحدها بل فى العالم العربى جميعه. ونتلوه بكلمة عن منصور بن مسلم.


(١) ريحانة الألبا ١/ ١٢٢
(٢) سلافة العصر لابن معصوم ص ٣١٠

<<  <  ج: ص:  >  >>