للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يمزّق جسمه دوس المذاكى ... وقد أعلت ولاياه العويلا (١)

شكا ظمأ فما عطفوا عليه ... ولا ألووا ولا أرووا غليلا

رسول الله سمّاه «حسينا» ... وقبّل ثغره زمنا طويلا

ويقسم فتيان مرارا وتكرارا بعلى والحسين وأصحاب العباء أو الكساء إشارة إلى حديث ترويه الشيعة عن أم سلمة زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: «دخل على وفاطمة ومعهما الحسن والحسين فوضعهما الرسول فى حجره فقبّلهما واعتنق عليا بإحدى يديه وفاطمة بالأخرى، وجعل عليهم جميعا كساء أسود وقال: اللهم إليك لا إلى النار». ولم يكن فتيان غاليا فى تشيعه بل كان معتدلا، يشهد لذلك قوله فى على والحسين وآلهما (٢):

لم أهوهم أبدا ببغضى غيرهم ... كلاّ ومن فرض الصلاة ووقّتا

فهو يقسم بربه فاض الصلاة أنه لم يحب آل البيت مبغضا لأبى بكر وعمر مثل غلاة الشيعة، بل هو يحب الجميع وإن كان حبه لهم أزيد وأكثر، كما تشهد بذلك قصيدته السالفة.

ونلتقى فى زمن المماليك بالوداعى المتوفى سنة ٧١٦ ويقول صاحب الفوات: كان شيعيا، ومما يدل على ذلك قوله (٣):

سمعت بأن الكحل للعين قوة ... فكحّلت فى عاشور مقلة ناظرى

لتقوى على سحّ الدموع على الذى ... أذاقوه دون الماء حرّ البواتر

فهو قد تكحل فى يوم عاشوراء يوم ذكرى مصرع الحسين ليسح الدموع ويذرفها على الحسين الذى قتلوه دون جرعة ماء يحتسيها بالسيوف القواطع، وكان بعض معاصريه يتهمه بالرفض والغلو فى التشيع فكان ينكر ذلك منحيا على من يتهمه بالسبّ واللعن، وفى ذلك يقول (٤):

قل للذى بالرفض أت‍ ... همنى أضلّ الله قصده

أنا رافضىّ ألعن ال‍ ... شّيخين أبّاه وجدّه (٥)

وواضح أنه يقول إنه رافضى تهكما على خصومه. ونظل نلتقى بشعر شيعى على هذه الشاكلة


(١) المذاكى: الخيل، ولاياه: نساء أسرته.
(٢) الديوان ص ٦٨
(٣) فوات الوفيات لابن شاكر ٢/ ١٧٦
(٤) الفوات ٢/ ١٧٥
(٥) أبّاه مشددة الباء لصحة الوزن

<<  <  ج: ص:  >  >>