للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وواضح أنه فى البيت الثانى يشير إلى اللاهوت النورى المتنقل فى الأئمة-بزعم الإسماعيليين- حتى انتهى إلى المستنصر. ويزعم أن الله اتخذ على الناس عهدا بطاعتهم قبل خلق العالم وأنهم علة الوجود، ولولاهم لم يغفر ذنب أبيهم آدم. ويقول إن آلاء المستنصر ونعمه لا يحيط بها وصف وكأنها آلاء الله العىّ. ويكثر ابن حيّوس من ذكر إمام العصر وغياث المسلمين وتنقل النور فى الأئمة وأن طاعتهم فرض، يقول للدزيرى فى إحدى قصائده:

يا سيف من عصيانه وولاؤه ... جعلا شقيّا فى الورى وسعيدا

فالسعيد من أطاع الإمام الفاطمى والشقى حطب النار من عصاه. ونراه فى مديح الوزير اليازورى يحرضه مرارا على العراق وقد جعل موضوعا لقصيدة دالية له تدبير اليازورى المعروف لفتنة البساسيرى فى سنتى ٤٤٧ و ٤٤٨ واستيلائه على بغداد والموصل ودعوته فيهما للخليفة الفاطمى، وفيها يقول للخليفة العباسى القائم بأمر الله:

عجبت لمدّعى الآفاق ملكا ... وغايته ببغداد الرّكود

ومن مستخلف بالهون راض ... يذاد عن الحياض ولا يذود

وهو يريد أن ملكه لا يتجاوز بغداد، وأنه يرضى بالخزى والذل والصغار إذ ليس فى يده من الحكم والسلطان شئ مع الملك السلجوفى طغرلبك. وما يزال يدور فى الفلك الإسماعيلى الفاطمى حتى سن الستين إذ ينزل حلب عند محمود بن نصر المرداسى وكان قطع الخطبة للخليفة الفاطمى المستنصر وخطب للقائم بأمر الله فأنشده مدحة يقول فيها:

ولك الأدلّة أوضحت حتى رأى ... إثبات فضلك من رأى التعطيلا

غرّوا بأن شرّقت عنهم مذهبا ... فى الرّأى ما عرفوا له تأويلا

وهو فى البيتين يعرّض بالفاطميين وأنهم يدعون إلى تعطيل إرادة الله وإنفاذ إرادة الأئمة، كما يدعون دعوة واسعة إلى التأويل فى القرآن الكريم حسب عقيدتهم وأهوائهم، وكأنه يريد أن يعلن تبرّؤه منهم وأنهم ضالون مضلون. وأشعار ابن حيّوس تمتاز بالقوة والصلابة والجزالة والنصاعة، ويستخدم فيها أحيانا المحسنات البديعية دون إسراف أو إفراط.

<<  <  ج: ص:  >  >>