للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اتصال شخصى به وأنهم يستوضحونه بعض المسائل الشرعية، ويفصح لهم عن رغباته وأوامره، بل إنهم يجعلونه خليفة الله المصرف لشئون الكون والعباد، ولبهاء الدين قصيدة عن هذا الإمام صاحب الزمان أو قائمه يغلو فيها هذا الغلو المفرط أنشدها فى كتابه الكشكول وفيها يقول:

خليفة ربّ العالمين وظلّه ... على ساكن الغبراء من كل ديّار (١)

هو العروة الوثقى الذى من بذيله ... تمسّك لا يخشى عظائم أوزار

علوم الورى فى جنب أبحر علمه ... كغرفة كفّ أو كغمسة منقار

به العالم السفلىّ يسمو ويعتلى ... على العالم العلوىّ من غير إنكار

همام لو السبع الطّباق تطابقت ... على نقض ما يقضيه من حكمه الجارى

لنكّس من أبراجها كلّ شامخ ... وسكّن من أفلاكها كلّ دوّار

أيا حجّة الله الذى ليس جاريا ... بغير الذى يرضاه سابق أقدار

ويا من مقاليد الزمان بكفّه ... وناهيك من مجد به خصّه البارى

وبهاء الدين يجعل محمدا المهدى الغائب فى رأى الإمامية خليفة الله فى تنفيذ أحكامه على الناس وظله الذى يستظل به كل مظلوم، ويجعله العروة الوثقى أخذا من الآية الكريمة: {وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اِسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى} ويجعل من يتمسك به تغفر له ذنوبه، ويبالغ فى سعة علمه اللدنّى بالقياس إلى علم الناس الذى لا يعدّ شيئا مذكورا بجانب بحار علومه.

ويزعم أن العالم السفلى وهو الأرض شرف به وفضل على العالم السماوى، ويزعم أن السموات السبع لو اتفقت على نقض ما يبرمه لانقلبت أبراجها وخرجت من قواعدها وسكن منها كل دائر متحرك من أبراجها. ويصفه بأنه حجة الله على الخلق وأن الأقدار الإلهية طوع أمره لا تعصاه أبدا وأن مفاتيح الزمان وخزائنه بيده. والقصيدة تمتلئ بهذا الغلو المفرط الذى يجعل هذا الإمام لا يزال حيا يصرّف أمور الكون، ويدبر شئون العباد، ويعذب من يشاء ويغفر لمن يشاء، ومقاليد الدنيا بكفه، وكل شئ يجرى فيها بإرادته، وكأن قائم الزمان فوق جميع الأنبياء والمرسلين. وهو غلو ما يماثله غلو.

وطبيعى وقد بلغ بهاء الدين من الغلو فى عقيدته كل هذا المبلغ أن يدعو إلى سبّ من وقفوا-


(١) ديار: ساكن دار. الغبراء: الأرض.

<<  <  ج: ص:  >  >>