للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأول، إنما اراد به المعنى الثانى وقد أكثر من ذلك حتى قال:

أطالع كل ديوان أراه ... ولم أزجر عن التضمين طيرى

أضمّن كلّ بيت فيه معنى ... فشعرى نصفه من شعر غيرى

ويقول أيضا صاحب الفوات فيه «كان جنديا محتشما شجاعا مطبوعا كريم الأخلاق بديع النظم رقيقه لطيف التخيل» ويقول صاحب النجوم الزاهرة: «كان من الشعراء المعدودين».

ولا نعرف تاريخ مولده، أما وفاته فكانت سنة ٦٨٤ للهجرة.

ومجير الدين بن تميم من أصحاب المقطّعات الطريفة فى الغزل والطبيعة والخمر، ولا يبارى فى ابتكار الصور والأخيلة وحشد التوريات فى مقطعاته، مع الظرف وخفة الروح والتعليلات الحسنة، ونقتطف بعض أمثلة من أشعاره، من ذلك قوله فى الساقية والطبيعة من حولها:

تأمّل إلى الدولاب والنهر إذ جرى ... ودمعهما بين الرياض غزير

كأن نسيم الروض قد ضاع منهما ... فأصبح ذا يبكى وذاك يدور

ولكلمة «ضاع» معنيان: معنى سطوع الرائحة الطيبة التى يحملها النسيم عن الأزهار، ومعنى الفقد والهلاك، وبذلك تمت لابن تميم التورية التى يريدها من استخدامه للكلمة، وقد أراد المعنى الثانى. ويقول مفاخرا بين الأرض والسماء:

يا جاعل الأفق مثل الأرض حجّته ... بالشمس إذ بزغت والبدر حين وضح

كم من شموس وأقمار إذا سرحت ... فى الأرض طرت إليها خفّة وفرح

ولا تقل: قزح فى الجوّ زيّنه ... فى كل غصن ترى فى الأرض قوس قزح

فهو يعارض من يعلى السماء على الأرض بحجة بزوغ الشمس والقمر فيها قائلا إن فى الأرض شموسا وأقمارا من النساء والفتيات أجمل وأكثر حسنا. ويقول لصاحب السماء: لا تحتج بجمال قوس قزح، فأغصان الرياض فى الطبيعة تحمل ما لا يحصى من أقواس قزح نضرة أرجة.

ويقول:

سبقت إليك من الحديقة وردة ... وافتك قبل أوانها تطفيلا

طمعت بلثمك إذ رأتك فجمّعت ... فمها إليك كطالب تقبيلا

<<  <  ج: ص:  >  >>