للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن أروعها داليته التى رواها المفضل الضبى والتى يقول فيها مصورا كرمه وشجاعته وفصاحته وسبقه إلى المآثر المحمودة:

سواء عليه أىّ حين أتيته ... أساعة نحس تتّقى أم بأسعد (١)

ومدره حرب حميها يتّقى به ... شديد الرّجام باللسان وباليد (٢)

إذا ابتدرت قيس بن عيلان غاية ... من المجد من يسبق إليها يسودّ

سبقت إليها كل طلق مبرّز ... سبوق إلى الغايات غير مجلّد (٣)

فلو كان حمد يخلد الناس لم تمت ... ولكنّ حمد الناس ليس بمخلد

فهو يعطى فى السعة وفى القلة، ويدفع عن قومه بلسانه وبيده وسلاحه، وإذا تسابق الناس إلى غاية من غايات المجد كان السابق المجلى، ولو أن حمدا يخلد به مستحقه لكان هرم أول خالد لكثرة مناقبه ومكارمه.

وله فيه قصيدة رائية بديعة يقول فى تضاعيفها:

دع ذا وعدّ القول فى هرم ... خير البداة وسيّد الحضر

ولنعم حشو الدّرع أنت إذا ... دعيت نزال ولجّ فى الذّعر (٤)

حدب على المولى الضّريك إذا ... نابت عليه نوائب الدّهر (٥)

ويقيك ما وقّى الأكارم من ... حوب تسبّ به ومن غدر (٦)

ولأنت تفرى ما خلقت وبع‍ ... ض القوم يخلق ثم لا يفرى (٧)

والسّتر دون الفاحشات وما ... يلقاك دون الخير من ستر

أثنى عليك بما علمت وما ... سلّفت فى النّجدات والذّكر


(١) يريد بساعتى النحس والسعد أوقات القلة والكثرة فى المال.
(٢) المدره: المدافع عن قومه. وحمى الحرب: شدتها. والرجام: المراماة فى الحرب وفى الخطب والكلام.
(٣) الطلق هنا: المعطاء، وأصله الفرس السابق الذى لا يلوى على شئ، المجلد: الذى يضرب ويجلد. والتشبيه واضح.
(٤) الدعاء فى الحرب نزال: حين تشتد فيتداعى الفرسان بالنزول عن الخيل والتقارع بالسيوف. ولج فى الذعر: اشتد الخوف.
(٥) الضريك: الفقير المجهد.
(٦) الحوب: الإثم.
(٧) تفرى: تقطع. يخلق: يقدر. يريد أنه إذا عزم على أمر أنفذه.

<<  <  ج: ص:  >  >>