للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتوقيعاته الديوانية، وذكر هو نفسه منها طائفة فى كتابه «حسن التوسل إلى صناعة الترسل» وذكر ابن حجر عن الصفدى أن رسائله تدخل فى ثلاثين مجلدا وأن بعض الفضلاء اختار منها مجلدين، ومن قوله فى التهنئة بتقليد سيف (١):

«وقلده مننا: سيفا تلمع مخايل النصر من غمده، وتشرق جواهر الفتح فى فرنده، وإذا سابق الأجل إلى النفوس عرف الأجل قدره فوقف عند حدّه، ومتى جرده على ملك من ملوك العدا وهت عزائمه، وعجز جناح جيشه أن تنهض به قوادمه، وعلم أنه سيفنا الذى على عاتق الملك الأعز نجاده وفى يد جبار السموات قائمه».

ومن كبار كتاب الشام الذين عملوا فيها وفى مصر فى دواوين الإنشاء صلاح الدين الصفدى المتوفى سنة ٧٦٤ وسنخصه بكلمة، ومنهم ناصر الدين محمد بن محمد الحموى المعروف بابن البارزى المتوفى سنة ٨٢٣ تولى قضاء حماه ثم كتابة سرها وصحب السلطان المؤيد شيخ أيام نيابته بدمشق، وقدم معه إلى مصر حين تسلطن عليها سنة ٨١٥ وعينه كاتب السر بها إلى أن توفى، وقد احتفظ القلقشندى له بعهد عن الإمام المستعين (الخليفة العباسى المقيم بمصر حينئذ) للسلطان المؤيد شيخ، وفيه يقول (٢):

«الحمد لله الذى جعل الدين بنصره مؤيدا، وانتضاه لمصالح الملك والدين فأصبح ومن مرهفات عزمه بادئة بائدة العدا، وفتح على فقر الزمان بشيخ ملك زويت له عوارف العدل ومعارف الفضل، فاستغنى ولله الحمد-بسعيد السعدا، وأصلح فساد الأحوال بأحكام رأيه وإحكام حكمه، فأصبحت مأمونة الرّداء، آمنة من الرّدى، وامتنّ على أولياء الدولة الشريفة بمن لم يزل سهم تدبيره الشريف فيهم مسدّدا».

وقدرة ابن البارزى الإنشائية تتضح فى هذه السطور، إذ يطيل سجعاته وقد جعل الدال قوافيها جميعا، وهو إنما يطيل سجعاته ليضيف إليها الجناس كما فى «بادئة وبائدة» و «أحكام وإحكام» و «الرّداء: الثوب (كناية عن الأحوال) والرّدى: الهلاك. ويفسح أيضا للسجع الداخلى فى السجعة مثل: «عوارف العدل ومعارف الفضل».


(١) حسن التوسل إلى صناعة الترسل طبع المطبعة الوهبية ص ١٠٠. وفرند السيف: لمعان صفحته. والقوادم: ريشات الطائر الكبار فى جناحه. ونجاد السيف: حمائله.
(٢) صبح الاعشى ١٠/ ١٢١ وانظر فى ترجمته النجوم الزاهرة ١٤/ ١٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>