هى: كتاب المكافأة لأحمد بن يوسف، وهو حكايات قصيرة لطيفة تحض على عمل الخير، وكتاب أخبار سيبويه في نقد الحكام والناس ممزوجا بالتّباله، وكتاب الفاشوش في حكم قراقوش وكان صلاح الدين ينيبه عنه أحيانا في حكم القاهرة، وصوّره ابن مماتى في طائفة من الأحكام الطائشة تحكى غفلته وحمقه وبلهه، وكتاب هز القحوف ويكتظ بنوادر لاذعة على لسان أهل الريف المصرى تصوّر بؤسهم أيام العثمانيين.
وتلا ذلك أربع سير شعبية: سيرة عنترة، والسيرة الهلالية، وسيرة الظاهر بيبرس، وسيرة سيف بن ذى يزن، وجميعها تصور البطولة العربية وفضائلها الرفيعة.
وعرضت أخيرا كتاب ألف ليلة وليلة وتاريخ نقله إلى العربية وما أضيف إلى قصصه الهندية من قصص بغدادية وقصص مصرية مع بيان ما يتميز به كل نوع من أنواع هذه القصص. وقد صاغت مصر الكتاب بلغتها العامية وانتشر بها في العالم العربى منذ عصر المماليك. وبنفس العامية انتشر في البلاد العربية من قديم ما ألّفته مصر من كتب السير الشعبية المذكورة آنفا: سيرة عنترة وأخواتها. وكان لذلك أثره الكبير في تعرف تلك البلاد على العامية المصرية قبل العصر الحديث بمئات السنين.
وهذه الدراسة المتشعبة لتاريخ الأدب العربى في مصر أثناء حقب طويلة تمتد من فجر تاريخها العربى إلى العصر الحديث جعلتنى أرجع إلى كل ما استطعت من المصادر والمراجع المتصلة بتاريخ مصر ودولها المتعاقبة، وبمجتمعها وطبقاته وشئونه المعيشية والعقيدية، وبالحركة العلمية فيها ونموها وازدهارها، مع العرض التاريخى لعلمائها الأفذاذ في علوم الأوائل والعلوم اللغوية والدينية والكتابة التاريخية. ورجعت أيضا إلى كل ما استطعت الاطلاع عليه من الشعر ودواوينه، وما اتصل به من الرباعيات والموشحات، كما رجعت إلى الكتابات النثرية المتنوعة من مثل الرسائل والمقامات والمواعظ والسير والقصص الشعبية، مع رسم الشخصيات الأدبية للشعراء والكتاب النابهيين وعرض خصائصهم الفنية عرضا نقديا تحليليا. ولا أزعم أنى صورت تاريخ الأدب العربى في مصر قبل العصر الحديث تصويرا كاملا، إنما حاولت، وأرجو ألاّ أكون قصرت. والله أسأل أن يلهمنى السداد في الفكر، والإخلاص في القول والعمل. وهو حسبى ونعم الوكيل.