الخصبة، وللدعوة الإسماعيلية أعلام مختلفون مثل ابن هانئ الشاعر الفاطمى، وللغزل أعلام وجدانيون مرهفون مثل البهاء زهير، وللفخر والهجاء أعلام مبرّزون مثل تميم بن المعز وابن الذّروى المقذع في هجائه، وللطبيعة ومجالس اللهو أعلامهما مثل الشريف العقيلى وله في الطبيعة المصرية ديوان كبير بديع، وللزهد والتصوف والمدائح النبوية أعلام يتغنون بالحب الإلهى مثل ابن الفارض وبالحب النبوى مثل البوصيرى، وللفكاهة أعلام تموج أشعارهم بالتندير والدعابات والتوريات والهزل مثل ابن دانيال وله مسرحيات هزلية بديعة. وعرضت شعراء الشعر الشعبى العامى وطرائف مما نظم أعلامه من فنونه في الأزجال والتوريات والفكاهات المستملحة. وبلغ عدد من ترجمت لهم من شعراء مصر الأفذاذ في عصر الدول والإمارات اثنين وأربعين شاعرا، ومع كل شاعر تصوير شخصيته الأدبية وخصائصه الفنية وروائع شعره. وقد ذكرت مع كل غرض من أغراض الشعر شاعرا نابها من الشعراء أيام العثمانيين. ولم أترجم لعشرات من شعراء مصر تكتظ بهم كتب الطبقات والتراجم لأنه لم يكن لأحدهم دور بارز في تطور الشعر بمصر، وأنا لا أكتب دائرة معارف لشعرائها على مرّ الأزمنة، وإنما أكتب تاريخها الأدبى في الشعر، ومن كان لهم دور في التطور به أتاح لهم مجدا أدبيّا كثيرا أو قليلا.
ومضيت أعرض النثر وكتّابه بمصر بادئا بالرسائل الديوانية منذ أنشأ أحمد بن طولون ديوان الإنشاء واتخذ له كتّابا مجيدين. ويعنى الفاطميون بهذا الديوان ويشتهر فيه غير كاتب بحسن بيانه، وخاصة في الحقبة الأخيرة من أيامهم. وتبلغ الرسائل الديوانية الذروة الأدبية على يد القاضى الفاضل وزير صلاح الدين، ويتألق نجمه وتصبح له مدرسة كبيرة، ويتكاثر تلاميذها في بقية أيام الدولة الأيوبية ودولة المماليك، وترجمت لأربعة من أعلام الكتابة الديوانية. وأخذت الرسائل الشخصية تزدهر بدورها منذ زمن الفاطميين، واتسع ازدهارها بعدهم، وترجمت لثلاثة من أعلامها النابهين. ويعنى بعض الكتّاب-منذ أيام الفاطميين-بكتابة المقامات، وقلّما تقوم على الشحاذة الأدبيّة مثل مقامات الحريرى، إنما تقوم على بعض مسائل علمية، أو على وصف الطبيعة، أو على قصص فكه، أو على وعظ، أو على مفاخرات بين الأزهار، أو بين السيف والقلم، وما إلى ذلك من موضوعات أدبية، وترجمت لأربعة من كتابها البارعين. وتكثر المواعظ والابتهالات والمناجيات الربانية على نحو ما صوّرت ذلك عند ثلاثة من أعلامها المهمين. وعرضت-بعد ذلك-أربعة من كتب النوادر