للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مستودعا، ومن هنا جاء الشك فى نسب عبيد الله وأبنائه الفاطميين إلى السيدة فاطمة الزهراء، فقيل إنه فاطمى حقيقة وأنه ابن أئمة مستورين هم على الترتيب التقى والوفى والرضى بن محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق وإنما استتروا خوفا على أنفسهم من العباسيين، وأسماء الأولين على الترتيب الحسين وأحمد وعبيد الله، وقيل بل هو غير فاطمى من أبناء القداح الإمام المستودع أو أحفاده. ومما شكّك فى هذا النسب المحضر الذى كتبه الخليفة القادر العباسى سنة ٤٠٢ بشهادة القضاة والأشراف العلويين بالطعن فى نسب الفاطميين. وقد رفض ابن خلدون فى تاريخه هذا الطعن وما يطوى فيه من شك فى نسب عبيد الله وأسرته الفاطمية وجزم بصحة نسبه إلى على رضوان الله عليه والسيدة فاطمة الزهراء.

ويتسع سلطان عبيد الله فى المغرب، ويضم إلى سلطانه ليبيا والجزائر، وتشنّ عساكره غارات على مصر، ويتوفّى سنة ٣٢٢ فيخلفه ابنه القائم وتستولى جنوده على المغرب، ويثور عليه الخوارج فى جبل أوراس ثورة عنيفة، ويتوفى سنة ٣٣٤ ويخلفه ابنه المنصور فيقضى نهائيا على ثورة الخوارج، ويتوفى سنة ٣٤١ فيعتلى ابنه المعز عرش الخلافة الفاطمية، وتدين له المغرب بالولاء ماعدا سجلماسة وفاس ويفتتحهما قائده جوهر الصقلى ويمهد له البلدان المغربية حتى المحيط الأطلسى ما عدا مدينة سبتة، فإنها ظلت لبنى أمية أصحاب الأندلس.

وكانت عين المعز على مصر، فلما وصله الخبر بموت كافور وشعر كأنما انهار السد الذى كان يحول بينه وبين الاستيلاء عليها أمر قائده جوهرا بالاستعداد لفتحها، وجهّزه بأكثر من مائة ألف فارس وبكل ما يلزمه من المال والسلاح. ولم يكد يشرف على الإسكندرية حتى لقيته جماعة من المصريين برسالة من الوزير جعفر بن الفرات بطلب الصلح والأمان. وتقدم جوهر حتى وصل بعسكره إلى الجيزة ودحل الفسطاط والبر الشرقى بجيشه دون مقاومة تذكر من الإخشيدية والكافورية. ونزل بالقرب من الجامع الأزهر، وأخذ توّا يختط مدينة القاهرة. وكتب جوهر إلى المعز يبشره بالفتح، وقطع الخطبة لبنى العباس ولبس السواد شعارهم، وأمر أن يلبس الخطباء البياض وأن يقال فى الخطبة: «اللهم صلّ على محمد المصطفى وعلى علىّ المرتضى وعلى فاطمة البتول وعلى الحسن والحسين سبطى الرسول الذين أذهب الله عنهم الرّجس وطهّرهم تطهيرا وصلّ على الأئمة الطاهرين آباء أمير المؤمنين المعز لدين الله». وأخذ جوهر فى بناء الجامع الأزهر واستغرق ذلك ثلاث سنين. واختط قصر الخلافة، وحفر أساسه فى أول ليلة نزل فيها بالقاهرة، واختطّت

<<  <  ج: ص:  >  >>