العرب فى جنوبى الجزيرة العربية، أو قل إن العرب هم الذين بدءوا بهذه المناوشات، ووقف الغورى معهم وانتصروا فى موقعة بحرية عليهم. غير أن البرتغاليين مضوا يعيدون الكرة، وهاجموا مدينة عدن ونزلوا فى بعض الجزر الواقعة بالقرب من باب المندب وأصبحوا يهددون مدينة عدن واليمن جميعها، فأرسل إليهم سريعا قانصوه الغورى نجدة طردت البرتغاليين من هذه الأنحاء، واستدارت تحتل اليمن حتى تظل مصر حارسة لها.
وتهدّد مصر خطر أكثر جسامة، فإن العثمانيين كانوا قد استولوا على القسطنطينية وأخذ نجمهم فى الصعود، وسمعوا بما أنزله إسماعيل الصفوى بأهل السنة فى بغداد من سفك لدمائهم وقسوة متناهية فأعلنه سليم الأول بالحرب وانتصر عليه فى سنة ٩١٤ واستولى منه على الجزيرة والموصل وديار بكر وأعاد سليم الكرة فهزم إسماعيل الصفوى سنة ٩٢٠. وعرف أن قانصوه الغورى كان قد عقد معه حلفا، فصمم على منازلته ولم يكن ذلك غائبا عن قانصوه فجند جيشا كثيفا ومضى به إلى شمالى سوريا لرد العدوان، إن حدث، فى حينه، وأرسل إلى سليم يطلب إليه عقد معاهدة صلح بينهما فرد رسله ردا سيئا، ولم تلبث أن نشبت بينهما معركة مرج دابق شمالى حلب سنة ٩٢٢ ودارت الدوائر على قانصوه وجيشه، وقتل وهو يلوذ بالفرار، ولم تكن تنقص جيش المماليك الشجاعة، إنما كان ينقصه سلاح مهم استخدمه العثمانيون فى المعركة هو سلاح المدفعية، فكان طبيعيّا أن تكون لهم الغلبة، وفتحت مدن الشام أبوابها لسليم، ودخل دمشق. ويبدو أنه كان يريد أن يدع للمماليك مصر ويكتفى بممتلكاتهم فى آسيا، فكاتب خليفة قانصوه فى مصر طومان باى يعرض عليه أن يترك مصر له وللمماليك على أن يعترفوا له بالسيادة، فيخطب له، وتضرب السكة باسمه. ولكن طومان باى أبى ذلك وأخذ يستعد لحربه، وأحسّ بتخاذل المماليك من حوله، بينما كان سليم يتقدم نحو مصر ودخل حدودها واتجه إلى القاهرة، والتقى بجيش طومان باى بالقرب من العباسية على أبواب القاهرة وأنزلت مدفعيته به هزيمة ساحقة، وفرّ طومان باى. ودخل سليم القاهرة فى اليوم التالى وكان أول يوم جمعة فى شهر المحرم لسنة ٩٢٣ فدعى له فى الخطبة، وسلّم قصر طومان باى بعد قتال عنيف أما هو ففرّ إلى الصعيد ثم إلى الدلتا واشتبك مع العثمانيين فى بعض مناوشات خاسرة، ولم يلبث أن سلّم غدرا إليهم، فأمر السلطان بشنقه على باب زويلة.