للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معه، وبارح تيمور الشام سريعا إلى آسيا الصغرى وأنزل بالسلطان بايزيد العثمانى ضربة قاصمة، وعاد إلى بلاده. وسرعان ما توفى وتمزقت دولته بين ورثته، وكفى الله المماليك وديار مصر والشام شره وخطره.

ويحتدم التنافس بين أمراء المماليك البرجية ويستخلص الحكم لنفسه المؤيد شيخ سنة ٨١٥ وله عمائر كثيرة أشهرها جامعه المؤيدىّ، ويقال إنه لم يبن فى الإسلام أكثر زخرفة منه بعد الجامع الأموى بدمشق، وتوفى سنة ٨٢٤. وبويع ابنه المظفر أحمد وله سنة واحدة وثمانية أشهر، فكان طبيعيا أن يستولى على الحكم بعض الأمراء، ويتولى سلطانان، ويخلفهما السلطان برسباى سنة ٨٢٥ ومرّ بنا غزو حاكم قبرص بطرس لوزيجنان للإسكندرية سنة ٧٦٦ وكان القبارصة كثيرا ما يتعرضون فى البحر المتوسط للسفن المصرية والشامية، فصمم برسباى على أخذ قبرص وأرسل لها ثلاث حملات، استطاعت ثالثتها أن تستولى عليها من جميع أنحائها، وعادت الحملة بغنائم وأسرى كثيرين وبحاكم قبرص مقيدا فى الأغلال، وقبّل الأرض بين يدى برسباى، وتعهّد أن تظل جزيرته موالية لمصر وأن يكون نائبا فيها للسلطان، وعاد إلى جزيرته عقب ذلك سنة ٨٣٠ بعد أن دفع دية كبيرة وبعد أن التزم بأن يؤدى لمصر سنويا عشرين ألف دينار جزية. وخلف برسباى ابنه العزيز سنة ٨٤١ لمدة عام، ولم يلبث الأمير جقمق أن عزله، وتولى الحكم سنة ٨٤١ وحاول أن يكتسب مجدا حربيّا كمجد برسباى، فوجه ثلاث حملات إلى جزيرة رودس، ولكنها لم توفق جميعا إلى الاستيلاء عليها، ويتوفى سنة ٨٥٧. وتكثر المنافسات والمنازعات بين أمراء المماليك البرجية. ويستخلص الحكم لنفسه قايتباى سنة ٨٧٢ وكان سديد الرأى شجاعا ساهرا على دولته المترامية الأطراف، متنقلا فيها من القاهرة إلى مدن الفرات إلى مكة والمدينة، ويبدو أنه كان يعنف فى جمع الأموال والضرائب، وكان يهتم ببناء المدارس والمساجد وترميم المنشآت. وظل حاكما للدولة تسعة وعشرين عاما إذ توفى سنة ٩٠١. وخلفه أربعة سلاطين حكموا مددا قصيرة، واختار أمراء المماليك بعدهم قانصوه الغورى سنة ٩٠٦، وهو من خيرة سلاطين المماليك البرجية، وكان شاعرا واشتهر بمجالسه الأدبية. وكان طاعنا فى السن، بينما كان يتراءى فى الأفق شبح عدوين كبيرين يهددان مصر والمماليك بالخطر الجسيم، أولهما خطر البرتغال واكتشاف فاسكودى جاما طريق رأس الرجاء الصالح إلى الهند منذ سنة ٩٠٣ مما آذن بتحول زمام تجارة توابل الهند من أيدى المصريين إلى أيدى البرتغاليين، وضياع ما كانت تأخذه مصر من ضرائب ورسوم على هذه التجارة فى طريقها إلى أوربا وثغور البحر المتوسط. وأخذ البرتغاليون يناوشون

<<  <  ج: ص:  >  >>