للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شافعين أو مالكيين. ويتولى الوزارة بدر الجمالى (٤٦٨ - ٤٨٧ هـ‍) ثم ابنه الأفضل (٤٨٧ - ٥١٥) ويصبحان وليى الأمر ويحجران على الخلفاء وكانا لا يعارضان أهل (١) السنة ولا يتعصبان ضدهم. وحين يتولى أحمد الأفضل حفيد بدر الوزارة يعين أربعة قضاة: شيعيا إسماعيليا وشيعيا إماميا ومالكيا وشافعيا (٢). ويظهر أن هذا أصبح تقليدا منذ صنع أحمد الأفضل هذا الصنيع سنة ٥٢٥.

وينزل فى الإسكندرية السّلفى أكبر حفاظ الحديث فى العصر ويأخذ فى إملائه، ويتوافد عليه الطلاب من مصر وغير مصر، ويتولى الإسكندرية العادل بن السلار فى عهد الحافظ (٥٢٤ - ٥٤٣ هـ‍) وكان شافعى المذهب مثل السلفى فاحتفل به وزاد فى إكرامه وبنى له مدرسة فوّض تدريسها إليه، يقول ابن خلكان: وهى معروفة باسمه إلى الآن أى فى زمنه (٣). وفى صبح الأعشى سجلّ بإسناد هذه المدرسة إلى الفقيه السلفى والقيام على نفقة من فيها من القراء والفقهاء والمرابطين والصلحاء وطلبة العلم من أهل الإسكندرية ومن الواردين إليها والطارثين عليها سواء كانت النفقة نقدا أو غلة، مع بيان أنه أعدّ لهم جميعا فيها المثوى والمسكن. وبذلك يكون ما ذكره المقريزى وغيره من أن المدارس لم تعرف فى مصر إلا فى عهد صلاح الدين غير صحيح (٤)، فقد كانت بها مدرسة السلفى المذكورة، وكانت مدرسة سنية شافعية. ونفس دار العلم يمكن أن نعدها مدرسة بالمعنى الكبير الذى كان لنظامية بغداد، إذ كانت مؤسسة علمية كبرى.

وكانت الدولة الفاطمية قد انتهت إلى انحلال وفساد شديد وأخذ الظلام يعم ديارها فى مصر والشام. وفى غفلة من الزمن يستولى حملة الصليب على بيت المقدس وساحل الشام على نحو ما مر بنا فى الفصل الماضى، ويستغيث الفاطميون بنور الدين صاحب حلب، ويرسل إليهم بجنود على رأسها أسد الدين شيركوه وابن أخيه صلاح الدين، وتتطور الظروف سريعا، وينهى صلاح الدين حكم الفاطميين ويقبض على صولجان الحكم، ويكاد يقضى على الصليبيين فى الشام إلا قليلا ويستولى على بيت المقدس وتتكاثر فتوحاته، ويحقق للعرب والمصريين الزعيم المنتظر لتخليص البلاد من حملة الصليب. وعلى نحو ما قاد هذه الفتوح قاد نهضة علمية رائعة، إذ كان محبا للدراسات الإسلامية شغوفا بها وخاصة بالحديث النبوى مما جعله ينزل الإسكندرية ليتلقاه على


(١) المغرب ص ٢١٦.
(٢) أخبار مصر لابن ميسر ص ٧٥.
(٣) ابن خلكان ١/ ١٠٥.
(٤) الخطط ٣/ ٣١٥ وانظر حسن المحاضرة ٢/ ٢٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>