للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحديث فى عصره. الإمام السّلفى. ونزلها من كبار فقهاء الشافعية أبو العباس الدّيبلى المتوفى سنة ٣٧٣ وأبو الحسن الحلبى المتوفى سنة ٣٩٦ وأبو الفضل البغدادى المتوفى سنة ٤٤١ وأبو القاسم العراقى المتوفى سنة ٤٧٧ وأبو الفتح المقدسى المتوفى سنة ٥١٨، ونزلها من فقهاء المالكية الأبهرى الصغير وعبد الله بن الوليد الأندلسى المتوفى سنة ٤٤٨ وعبد الجليل بن مخلوف الصقلى المتوفى سنة ٤٥٩ وأبو بكر الطرطوشى الأندلسى المتوفى سنة ٥٢٥ وأبو العباس الفاسى (١) المتوفى سنة ٥٦٠.

وإذا كان هؤلاء العلماء والطلاب الوافدون وجدوا فى مصر مستقرا لهم ومقاما فأولى أن يجد ذلك أبناؤها، وأيضا فإن وراءهم كثيرين من محدثى مصر وفقهائها الشافعيين والمالكيين والقراء يعدّون بالعشرات على طول السنوات فى عهد الدولة الفاطمية، مما يؤكد أن الفاطميين لم يعلنوا معارضة هذه الدراسات، بل لعلهم كانوا يشجعون كثيرين من أهلها ومن الوافدين عليهم، حتى ليقول نزيلها الإمام عبد الوهاب المالكى قولته السالفة: «عندما عشنا متنا». ولعلنا لسنا فى حاجة إلى كل هذه الأدلة لنبرهن على أن الفاطميين لم يقفوا حجر عثرة ضد نشاط أهل السنة ومذهبى الفقه الشائعين حينئذ فى مصر: المذهب الشافعى والمذهب المالكى فإن القلقشندى يشهد لهم بذلك شهادة بيّنة إذ يقول عنهم: «كانوا يتألفون أهل السنة والجماعة ويمكنونهم من إظهار شعائرهم على اختلاف مذاهبهم، ولا يمنعون من إقامة صلاة التراويح فى الجوامع والمساجد على خلاف معتقدهم. . ومذاهب مالك والشافعى وأحمد (بن حنبل) ظاهرة الشّعار فى مملكتهم بخلاف مذهب أبى حنيفة، ويراعون مذهب مالك ومن سألهم الحكم به أجابوه (٢)». وهو محق فى مذهب أبى حنيفة إذ لم يكن له نشاط بمصر فى عهد الفاطميين، أما مذهب ابن حنبل فغير محق فى إثبات نشاط له حينئذ إذ كان نشاطه مثل نشاط مذهب أبى حنيفة يكاد يكون معدوما.

على كل حال هذه شهادة صريحة للفاطميين بأنهم كانوا يترضّون أهل السنة، وحقا حين دخلوا مصر أسندوا وظيفة قاضى القضاة إلى النعمان فقيههم وتوارثها بعده بعض أبنائه وأحفاده، ثم ولوها بعض شيعتهم. ويبدو أنهم أخذوا فى عصر المستنصر (٤٢٧ - ٤٨٧ هـ‍) يتركون هذه السياسة، إذ عيّنوا على رأس القضاة فقيها شافعيا هو أبو عبد الله محمد (٣) بن سلامة القضاعى أحد أئمة زمنه المتوفى سنة ٤٥٤. ويبدو أن كثيرين من القضاة الفرعيين فى الإسكندرية وغيرها كانوا


(١) راجع فى هؤلاء الفقهاء والمحدثين حسن المحاضرة للسيوطى وما به من أثبات خاصة بهم فى جزئه الأول.
(٢) صبح الأعشى للقلقشندى ٣/ ٥٢٠.
(٣) المغرب (قسم القاهرة) ص ٣٦٧ وانظر حديث السيوطى فى كتابه حسن المحاضرة عن فقهاء الشافعية فى زمن الفاطميين ١/ ٤٠٤ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>