للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جزيرة الروضة المعروفة الآن بالقاهرة والثانية المدرسة الشريفية بناها أحد أمراء الدولة الأيوبية سنة ٦١٢. والثالثة المدرسة الفائزية بناها الوزير الفائزى سنة ٦٣٦. وبالمثل نستطيع أن نميز للفقه المالكى بجانب المدرسة القمحية التى أنشأها له صلاح الدين المدرسة الصاحبية التى بناها له الصاحب ابن شكر وزير السلطان العادل. وأيضا نستطيع أن نميز للفقه الحنفى بجانب المدرسة السيوفية التى أنشأها صلاح الدين مدرستين إحداهما سميت الأزكشية بناها أحد الأمراء، والثانية سميت العاشورية أنشأتها إحدى كريمات الأمراء. وهناك مدارس بنيت لأصحاب الفقه الشافعى والمالكى مثل مدرسة القاضى الفاضل، وأخرى بنيت للفقه الشافعى والحنفى مثل المدرسة القطبية التى أنشأتها السيدة مؤنسة ابنة السلطان العادل. ويبنى السلطان نجم الدين أيوب بأخرة من زمن هذه الدولة سنة ٦٤١ مدرسة كبرى للمذاهب الأربعة: مذهب أبى حنيفة ومالك والشافعى وابن حنبل، وهى أول مرة أو أول مدرسة تعنى فيها مصر بدراسة الفقه الحنبلى. وينشى السلطان الكامل سنة ٦٢٢ أول مدرسة تعنى بالحديث النبوى تسمىّ دار الحديث الكاملية نسبة إليه.

ويلاحظ ابن خلكان ومن بعده ابن تغرى بردى أن جميع المدارس التى أنشأها صلاح الدين لم تسمّ منها مدرسة باسمه، مع ما رتّب لها من الأوقاف العظيمة، ومع ما كان له من الفتوحات الكبيرة (١).

وهذه المدارس جميعا كانت تعنى بالدراسات الإسلامية من الحديث والتفسير والقراءات، وبالدراسات اللغوية من النحو وغير النحو وكذلك الدراسات البلاغية، لأن الفقيه فى أى مذهب لا يتم تكونه إلا مع إتقانه هذه الدراسات. وأهمل صلاح الدين وخلفاؤه الجامع الأزهر لأنه كان مركز الدعوة الإسماعيلية، غير أن الجوامع الأخرى والمساجد الكبرى ظل بها بعض النشاط العلمى، وكان صلاح الدين ينفق عليها وعلى علمائها وطلابها كما كان ينفق على مدارسه السالفة، وفى ذلك يقول ابن جبير الذى زار القاهرة والفسطاط لعهده سنة ٥٧٨: «ما من جامع من الجوامع ولا مسجد من المساجد ولا محرس من المحارس ولا مدرسة من المدارس إلا وفضل السلطان (صلاح الدين) يعمّ جميع من يأوى إليها ويلزم السّكنى فيها، تهون عليه فى ذلك نفقات بيوت الأموال (٢)».

وكانت الإسكندرية فى عهد الفاطميين مثل الفسطاط مركزا لدراسات أهل السنة، وقد بنى فيها ابن السلار-كما أسلفنا-مدرسة فوض الإشراف عليها للحافظ السّلفى الشافعى، ويبدو أن


(١) ابن خلكان ٧/ ٢٠٧ والنجوم الزاهرة ٦/ ٥٥.
(٢) رحلة ابن جبير (طبع ليده) ص ٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>